الانغماس في الملذات

لو تطلعنا بعناية للناس اليوم وللمجتمع المعاصر بوجه عام، فإننا نرى على الفور أنهم خاضعون لهوى محبة اللذة أو الانغماس في الملذات.
عصرنا هو عصر طلب اللذة في أقصى درجاتها.
للبشر ميل مستمر نحو هذا الهوى الرهيب الذي يدمر حياتهم بأكملها، ويحرمهم من إمكانية الشركة مع الله. يفسد هوى الانغماس في الملذات عمل الخلاص.
النفس المنغمسة في الملذات تكون غير جديرة بأن تصبح إناءً للروح القدس، أو لأن تتلقى حضور المسيح داخلها.
هذه المسألة مهمة جداً، وسوف نقوم بتحليل هذا الهوى في الصفحات التالية. سوف نرى كيف يعبر عن نفسه، وسوف نفحص أسبابه ونحاول أن نصف كيف يمكن أن نتخلص ونتحرر منه.

الصوم

كل الديانات الكبرى التوحيدية وغير التوحيدية مارست الصوم واعتبرته تقربًا من الله. 
أظن ان الفكرة في هذا ان محبتك للخالق تقتضي ابتعادك عن الكون المخلوق وأساسه عند الإنسان الطعام.
تريد ان تصبح أنت طعامًا لله اذ تبتغي الاتحاد والابتعاد عن طعام الجسد يبدو للإنسان اقترابًا من طعام الروح ووسيلتاه الصلاة والصوم.
فإن كنا في الصلاة نطلب الله يبدو لنا اننا لا نستطيع ان نطلب شيئًا آخر. وبما ان الطعام تربية لهذا الموجود فينا الذي نسميه الجسد نمسك عنه للانصراف إلى ما هو فوق الجسد ومن هذا الفوق إلى الله.

آدم الجديد ينتصر على الشيطان فوق الجبل

لقد انتصر المسيح آدم الثاني على الشيطان فوق الجبل .
هذه النصرة نشترك فيها من وقت أن قررنا الانتقال من مملكة الظلمة إلى مملكة النور وانضمامنا إلى مملكة المسيح.
إن المقبل على المعمودية يشترك مع المسيح في مصارعة الشيطان الذي يحاول جاهدا أن يثنيه عن القيام بهذا العمل وتسجيل اسمه في قائمة المقبلين على العماد.
بحسب الإجراءات المتبعة في الكنيسة الأولى كما دونها الأب جان دانيللو في كتابه : الكتاب المقدس والليتورجيا، يبدأ تسجيل أسماء المرشحين للعماد عن طريق أحد الكهنة في اليوم السابق لبداية الأربعين المقدسة، ومن اليوم الأول في الأربعين المقدسة يفحص الأسقف بتدقيق أسماء المرشحين رجلاً كان أم امرأةً، ويسأل الإشبين وجيران المرشح عن سلوكه، هل هو سكير، كذاب؟ وإذا كان غير مُلام يكتب الأسقف اسمه بنفسه وإذا كان ملوُماً، يُعطي الأسقف تعليماته قائلاً أخرجوه خارجاً "الي أن يصير أفضل وعندئذٍ يتقدم للعماد"[1]. .