صورة العالم المعاصر

 عبر العصور، حاول كثيرون فهم حالة العالم الذي يعيشون فيه من أجل مواجهة المشاكل التي تطرأ. إن لم يدرس المرء حالة العالم لا يكون قادراً على إيجاد مخارج من المأزق. اليوم نلاحظ أن عديدين يحاولون تحديد صورة العالم المعاصر، بينهم فلاسفة وعلماء اجتماع وعلماء نفس وسياسيون وإعلاميون وغيرهم. في كل الأحوال، يجب أن نلتفت إلى آراء اللاهوتيين وفوق الكل آراء أباء الكنيسة الخالدين.

الكنيسة بين الكتاب المقدّس والآباء


باسم الآب والابن والروح القدس الإله الواحد آمين.
يا إخوة، قال الرب: "أنا هو الباب". الرب هو باب الخلاص، هو باب الملكوت، هو الباب المفضي إلى قلب الآب السماوي. ليس هناك من باب آخر.

خصائص التفكير الديني للشرق والغرب



بدأ الكاتب البريطاني "راديار كيبلينغ" إحدى قصائده بقوله الشهير: "الغرب هو الغرب والشرق هو الشرق ولن يتحرك كل منهما من مكانه حتى يأتي يوم تمثل فيه الأرض والسماوات أمام الدينونة الإلهية".

الله والفكر البشري

- ليس الله "مسألة" تبحث بالعقل المجرد:الله موضوع إيمان: "أومن بإله واحد...". ليس إذًا موضوع معرفة عقلية مجردة.
 وذلك لعدة أسباب يقبلها العقل إذا تأمل فيها موضوعياً، منها 
لو أمكن معرفة الله بالعقل، لكان العقل استوعب الله وحواه. ولكن المحدود لا يمكنه أن يسع غير المحدود. نقطة الماء لا يمكنها أن تستوعب البحر.

المعمودية عبور من الموت إلى الحياة

المعمودية بالتغطيس كاشتراك في موت المسيح ودفنه
التغطيس الكامل حتى الرأس، أو انغمار الجسم كله تحت الماء، كتعبير عن الدفن في الماء، هو بمثابة وقوع الإنسان الإرادي بالموت تحت عقوبة الله برسم الطوفان (1بط 3: 20 - 22)، بسبب الخطايا التي صنعها الإنسان والتي ورث دوافعها وآثارها ونتائجها في طبيعته الترابية.

مواهب الأرثوذكسية


ما المميّز في الأرثوذكسية؟ أيّ مقومات تحدد هوية الأرثوذكسية في إطار التعددية والدهرية وما بعد الحداثة الحاضرة؟ إن لهذه الأسئلة أهمية هائلة لمستقبل الأرثوذكسية ورسالتها الفاعلة في العالم. إنها أسئلة تتعلّق بفهم الذات: مَن نحن، كيف نرى ذواتنا، ما هي قيمنا، ما هي الأوجه المميِزة لحياتنا المشتركة، ما هي السمات أو المعالم التي تحدد شخصيتنا وسلوكنا.

ترنيمة للرب يسوع


أنت لجام المهور الجامحة،
أنت جناح الطيور فلا تتيه،
أنت الدفة الثابتة لسفننا في البحر،
أنت راعي خراف الله الملكية.
أولادك البسطاء،
يتجمعون حولك،
ويغنون لك بكل رهبة وتقديس،
ويرنمون لك بإخلاص،
بشفاة نقية لا تعرف الغش،
إليك أيها المسيح مرشدهم.


أنت ملك القديسين،
كلمة الآب المرهوب،
أنت حاكم كل الأشياء،
السائد دائماً بكل حكمة،
البلسم الشاف لكل العمال،
مصدر الفرح اللا نهائي،
يسوع القدوس، مخلص
الناس الذين يصرخون إليك.
أنت الراعي، أنت العريس،
أنت الدفة، أنت اللجام،
أيها الجناح، يا من تقود
قطيع البراءة إلى السماء.


ياصياد الناس،
يا من إجتذبتهم بسلامة،
من محيط الخطية،
صيداً لحياة نقية،
أسماكاً غير ملوثة،
من بحر العدو الشرير.
أيها الراعي كلي القداسة،
إرشدنا نحن أولادك،
وجه خرافك بسلامة أيها الملك!


خطوات المسيح،
طريق مؤدي إلى السماء،
لأزمنة غير محدودة،
الكلمة الأبدية،
ضياء الخلود،
ينبوع الرحمة،
الذي يغرس الفضيلة،
في قلوب تقدم لله،
هدية تبجيلهم،
يا يسوع، مسيحنا!


حليب العروس،
معطى من السماء،
نابع من أثداء حلوة،
أي عطايا حكمتك،
التي يتغذى عليها،
أطفالك الصغار،
بشفاة أطفال رضع،
يملئون نفوسهم،
بمذاق روحي،
من أثداء الكلمة.


هلما نغني جميعاً،
للمسيح ملكنا،
أغاني البراءة الحلوة،
تراتيل النقاوة الساطعة،
الشكر والإمتنان المقدس،
من أجل تعاليم الحياة.
هلما نُمجد بابتهاج،
ذلك الطفل كلي القدرة.


هلما نحن المولودين للمسيح،
نهتف ونغني في تناغم،
جوقة السلام بصوت مرتفع،
نحن القطيع النقي غير الملوث،
نغني لله، رب السلام.


القديس اكليمندس الاسكندرى
 
Reference: Fathers of the Church Series, Volume 23, Catholic University of America Press, Clement of Alexandria, The Educator, End of part 3.

erinipasy.blogspot.com

تمييز الأرواح



لأن حضور الأرواح إن كانت صالحة أم شريرة يمكن بسهولة تمييزها، بمساعدة الله . إن رؤية الأرواح المقدسة لا تقترن بالتشويش، لأنها لا تخاصم ولا تصيح ولا يسمع أحد في الشوارع صوتها (إش 2:42، مت 19:12)، لكنها تأتي بهدوء شديد وبلطف، حتى أنه يحل مباشرة في النفس الفرح والبهجة والشجاعة. لأن الرب - الذي هو فرحنا - هو معهم، وقوة الله الآب. وتبقى أفكار النفس هادئة وغير منزعجة. وتنظر بنفسها - وهي مستنيرة كما بالأشعة - أولئك الذين يظهرون. إذ تتملكها محبة الإلهيات والأمور الآتية، بل وترغب أن تنضم إليهم كليةً، إذا كان يمكنها أن تغادر معهم.
لكن إذا كان البعض يخاف - بكوننا بشر - رؤية الأرواح الصالحة، فالذين يظهرون ينزعون الخوف منهم في الحال، كما فعل جبرائيل مع زكريا (لو 13:1)، وكما فعل الملاك الذي ظهر للمرأة (المجدلية) عند القبر المقدس (مت 5:28)، وكما فعل الملاك الذي قال للرعاة "لا تخافوا" (لو 10:2). لأن خوفهم لم ينتج عن جبن، بل من الإحساس بحضور كائنات أعلى. هذه هي إذاً طبيعة رؤية الأرواح الصالحة.

أما غارات وظهور الأرواح الشريرة فتكون مقترنة بالتشويش، بالضجيج، بالأصوات والصراخ، كمثل الشغب الحادث من الصبية الأردياء أو اللصوص. والذي من خلاله ينشأ الخوف في القلب، والإضطراب، وتشويش الفكر، والإكتئاب، وكراهية أولئك الذين يعيشون حياة التدقيق، واللامبالاة، والحزن، وتذكر الأهل، والخوف من الموت، وأخيراً الرغبة في الشرور، وعدم إحترام الفضيلة، والعادات المتقلبة.
لذلك كلما رأيتم أي منظر وخفتم، إذا أنتزع خوفكم مباشرة، وحل محله الفرح الذي لا يعبر عنه، والإبتهاج، والشجاعة، والقوة المتجددة، وهدوء الفكر - وكل ما ذكرته قبلاً - والجرأة والمحبة نحو الله، فتشجعوا وصلوا. لأن الفرح والحالة المستقرة للنفس تظهر قداسة الشخص الحاضر. هكذا تهلل إبراهيم عندما رأى الرب (يو 56:8)، وهكذا أيضاً قفز يوحنا من الفرح (إرتكض) عندما سمع صوت مريم والدة الإله (لو 41:1).

ولتكن هذه أيضاً علامة لكم، إذا ما بقيت النفس خائفة هذا معناه وجود الأعداء. لأن الشياطين لا تنزع الخوف الناتج من وجودها، كما فعل رئيس الملائكة جبرائيل مع مريم وزكريا، وكما فعل الملاك الذي ظهر للمرأة (المجدلية) عند القبر، لكنها بالأحرى كلما رأت البشر خائفين تزداد في تضليلهم حتى ما يفزع البشر بالأكثر، وفي آخر هجوم تهزأ بهم قائلة "خروا وأسجدوا". هكذا خدعوا اليونانيين، الذين أعتبروها آلهة زوراً وبهتاناً. لكن الرب لم يدعنا نُضلل بواسطة إبليس، إذ أنه أنتهره كلما صاغ ضده مثل هذه الخداعات، قائلاً: "إذهب عني يا شيطان لأنه مكتوب للرب إلهك تسجد وأياه وحده تعبد" (مت 10:4). فلنحتقر إذاً المُضلل أكثر فأكثر، لأن ما قاله الرب فعله من أجلنا، حتى إذا ما سمعت الشياطين مثل هذه الكلمات منا تطرد من قبل الرب الذي انتهرها بتلك الكلمات.
ولا يليق الأفتخار بإخراج الشياطين، ولا الإنتفاخ بشفاء الأمراض، كذلك لا يليق أن يُرفَّع من شأن من يخرج الشياطين وحده، أو أن يُحقَّر من شأن من لا يخرجها. بل ليدرس الشخص تدبير حياة كل واحد وبناءً على ذلك يُقلد، يباري أو يُصحِّح. لأن عمل الآيات ليس من اختصاصنا بل هو عمل المخلص، لذا قال لتلاميذه: "لا تفرحوا بهذا أن الأرواح تخضع لكم بل افرحوا أن أسماءكم كتبت في السموات" (لو 20:10)، لأن حقيقة أن أسمائنا مكتوبة في السموات هي برهان على حياتنا الفاضلة، أما إخراج الشياطين هو هبة من المخلص الذي يمنحها. لذلك لأولئك الذين افتخروا بالآيات لا بالفضيلة وقالوا: يارب أليس باسمك أخرجنا شياطين وباسمك صنعنا قوات كثيرة، أجابهم: الحق أقول لكم أني لا أعرفكم قط (مت 7). لأن الرب لا يعرف طريق الأثمة.

لكن يجب علينا أن نصلي على الدوام - كما قلت قبلاً - لكي نحصل على موهبة تمييز الأرواح، حتى لا نصدق كل روح، كما هو مكتوب (1 يو 1:4).


القديس الانبا انطونيوس اب الرهبان

Reference: Life of Anthony (Vita Antoni), NPNF2-04, By Saint Athansius
عن erinipasy.blogspot.com

المعرفة الروحية

المعرفة الروحية هي مثل بيت مبني في وسط المعرفة الوثنية وفي وسطه صندوق يحتوي كنوز الكتاب المقدس التي لا تُقدّر.

كرازة المحبة

   ليست الكرازة تسويق كلام ولا إقناع بمعتقدات. بيع الأفكار ليس عمل كرازة لأن الله ليس فكرة. الله كائن. قبل أن تسمع عنه أنت بحاجة لأن تراه وتسمعه. صحيح أنّ المسيح لم نعد نعرفه حسب الجسد بعد ولو عرفناه قبلاً كذلك (2 كو 5: 17)، إلاّ أنّ جسداً جديداً يُرى فيه ويُسمع. هذا الجسد هو الكنيسة، هو أنا وأنت. الجسد الجديد ليس لحماً ودماً. فقط قائم في اللحم والدم. الجسد الجديد يُرى ويُسمع ولكن بعين القلب وأذنه، بالحسّ، بالكيان. إذا لم تعاين مسيح الربّ في مَن يُفترَض بهم أن يكونوا شهوداً له فإنّ الكلام عنه أكثر الأحيان، لا دائماً بالضرورة، يكون، من زاوية كيانية، بارداً. نقول لا دائماً لأنّ لله، في كل حال، طرقاً لا نعرفها. هو الداري بقلوب الناس، صياداً لها بكلمة ومن دون كلمة. هذا شأنه وهذه حكمته. أما شأننا نحن، ما كُلِّفنا نحن به من جهة الشهادة له، من جهة الكرازة بكلمته، فهذا في خلفية معاينته فينا يكون. هذا إذا ما كان للكلمة التي نتفوّه بها أن تُحرِّك الكيان لا الأفهام وحدها. العقول قد تنتشي ولكن لا يتنزّل من مخزونها إلى القلب شيء إلاّ بالمعاينة. الله يُرى فينا، في صدقيتنا. في سلوكنا في كلمته تستبين مصداقيتنا، معرفتنا له. لذلك الكرازة بالصوم والصلاة تكون أولاً، بالمحبّة الباذلة الأصيلة غير المغروضة. المحبّة لا تطلب ما لنفسها. كرازة الصمت المشبع بحضور الله هي الأرضية الصالحة لبذر الكلمة الخلاصية. نحن لا نقتحم وجدان الناس بقوّة المنطق، بالعنف البياني، بالكلام المصنّع (2 بط 2: 3).

 الناس متى عاينوا يسوع فيك أصيلاً تنفتح كياناتهم تلقائياً إلاّ المعاندون. يصطادهم المسيح فيك. هو يعطيك إياهم لتقدّمهم له. يتبعونه فيك. يكونون مستعدّين لأن يتركوا شباكهم وكل شيء ويسيروا في إثره معك. الكلام، إذاً، يأتي من قوّة حضور النعمة الإلهية لمسيحك فيك. إذا كنت أنت على هذه الحال من الشفافية لسيّدك لا تعود أنت المتكلّم بل روحه فيك. تُمسي أنت كما تقول الأم غفريليا متفرِّجاً عليه في نفسك. كلامه يكون بقوّة وسلطان. أنت لا تعود تحسب كيف تنصب بذكائك وتخطيطك فخاخاً للناس لتوقعهم في شباكك كالكتبة والفرّيسيين المرائين الذين يطوفون البحر والبرّ ليكسبوا دخيلاً واحداً (متى 23: 15). ولا يكون سيِّدك، إذ ذاك، هو المتكلِّم فيك وحسب، بل لا بدّ أن تجري آياته على يديك، أيضاً، بشكل أو بآخر لأنّه قيل: "هذه الآيات تتبع المؤمنين. يُخرجون الشياطين باسمي ويتكلّمون بألسنة جديدة... ويضعون أيديهم على المرضى فيبرأون" (مر 16: 17 – 18). الربّ، في كل حال، يعمل مع الذين يكرزون بالكلمة ويُثبِّت الكلام بالآيات التابعة" (مر 16: 20). كل الذين كرزوا بالإنجيل عندنا، من الرسل القدّيسين إلى الآباء، أقاموا في النقاوة والصوم والصلاة، واستبان فعل روح الربّ في عملهم حتى الإثمار. بغير ذلك يكون العمل من صنع البشر، مجرد استعباد للناس واستعمار ، بقوّة كلام الناس.  أما الكَرَزَة الأصيلون فمن غير معدن، من معدن روح الله أولاً. لذلك لا يهابون المخاطر ولا توقفهم تهديدات الناس. روح الربّ فيهم يجعلهم أقوى من كل قوى الناس والظلمة.
 دونكم مثلاً معبِّراً القدّيس إبراهيم الرهّاوي (29 تشرين الأول). هذا أُوفد إلى بلدة استغرق سكانها في وثنياتهم ولم يقبلوا كلمة الإنجيل. أول ما فعله أنّه أقام في الصلاة يئنّ ويتنهّد في روحه للظلمة التي كانوا قابعين فيها. كان يصلّي هكذا:
 "أيّها السيّد! ردّ هذا الشعب الضال إليك. افتح أعين قلبه. أضئه بنور نعمتك لكي... يعرفك أنت الإله الحقيقي وحدك".
 بقي كذلك مقيماً في الصوم والصلاة إلى أن احتدّت روح الربّ فيه. دكّ الأصنام. انقضّوا عليه. أشبعوه ضرباً. ألقوه خارج البلدة. عاد في منتصف الليل. أقام مصلّياً باكياً مسترحماً الله. من جديد هجموا عليه. رجموه. ظنّوه مات. ألقوه بين الأقذار. في منتصف الليل عادت روحه إليه. صرخ "ربّي لماذا تصرف وجهك عنّي؟ أتوسّل إليك! ألقِ بناظر رأفتك على هذا الشعب المسكين. عاد ودخل تحت جنح الظلام. أخذ يسبِّح الله. بقي ثلاث سنوات يحتمل الضرب والتعيير. وبتواضع إبراهيم وصبره ومحبّته ودموعه ثبت. محبّته كانت في ازدياد وقساوة قلوبهم في تضاؤل. بدأوا قليلاً يسمعونه. وكان يخاطبهم بروح القوّة حيناً والوداعة أحياناً. الشيوخ عاملهم كآبائه والشباب كإخوته والصغار كأولاده رغم ازدرائهم له واحتقارهم. أخيراً بالصلوات والدموع نفذت النعمة الإلهية إلى قلوبهم. اعترفوا بإله إبراهيم إلهاً حقيقياً وحيداً. عمّدهم. علّمهم الإنجيل سنة كاملة. ثمّ في ليلة لا يدرونها تركهم لاهتمام الأسقف وعاد إلى نسكه.
        الكرازة بالإنجيل اليوم بحاجة إلى محبّة كبيرة تفيض من فوق في مَن يكرزون لتنسكب على الذين لا يعرفون المسيح. المسيحيّون تسبّبوا لغيرهم في جراح كثيرة في التاريخ باسم المسيح. هذه لا زالت نُدُبها (آثار الجراح) في الذاكرة تَسِم المسيحيّة بما هي براء منها، تشوّه صورتها. وهذه لا تُتجاوَز إلاّ بنعمة دفّاقة من فوق. والنعمة الإلهية قنواتها نفوس أفرغت نفسها وأخذت صورة عبيد وأقبلت على عمل الله في محبّة وتصميم، ثابتة راسخة في غيرتها، مقيمة في الصوم والصلاة والدموع حتى يحرِّك الربّ الإله الأكباد، أكباد الذين ضلّلهم المضلِّل، حتى يزيح الربّ الإله الحجر عن باب القبر ويدعو لعازر الناس أن يخرج من الظلمة إلى النور. هذا بحاجة إلى نفوس كبيرة في اتضاعها، قويّة في استشرافها لضعفها، راسخة في إيمانها بيسوع ولا شيئيتها. الرسل برسم أن يستاقوا أنفسهم، في غربة عن أنفسهم وروح العالم، إلى ربّهم منتظرين أن يسمعوا صوت مَن كلّم إشعياء لما قال: "مَن أُرسل ومَن يذهب من أجلنا" (إش 6: 8)، ليجيبه كل منهم: "هانذا أرسلني". الكرازة بالإنجيل، في كل حال، عمل الله في مَن يبصرون ويسمعون ويريدون أن يشهدوا (1 يو 1: 1- 4). هذا كلّه مطروح، لعمري، على ضمائر المسيحيّين اليوم إلى أن يستفيقوا من سكرهم بما للعالم والناس!

الأرشمندريت توما (بيطار)
رئيس دير القدّيس سلوان الآثوسي – دوما
19 حزيران 2005
holytrinityfamily.org   

النور

نحن نباركك يا ابا الانوار , المسيح كلمة الله , بهاء مجد الاب ,نور من نور ومنبع النور , الروح النارى , نسمة الابن كما هو  نسمة الاب ايها الثالوث الاقدس , النور غير المنقسم ,
 انت بددت الظلمات , لكى تخلق عالما مضيئا , منسقا حسنا يحمل شبهك . اضأت الانسان بالفهم والحكمة , وانرته بختم صورتك . لكى بنورك نعاين النور ( مز 26 : 9 ) ويصير هو بكليته نورا .
 انت جعلت السماوات تلمع ببريق انوار لا حصر لها , ونسقتها نهارا وليلا , لكى تعمل على تقسيم الزمن من دور الى دور بكل هدوء . فالليل يضع حدا للاجساد المتعبة , والنهار ينهضنا للاعمال التى تحبها , فنتعلم ان نهزم الظلمة , ونسرع نحو النهار الذى لن يعقبه ليل    00 

                  
قصيدة شعرية عن النور  للقديس غريغوريوس النزينزى

عظة 32 عن شرح سفر التكوين

الثبات فى المسيح والطلبة المستجابة



يقول الرب إن ثبتُّم فيَّ وثبت كلامي فيكم، تطلبون ما تريدون فيكون لكم ( يو 15: 7 ) ومَن يثبت في المسيح حقّاً، فهل هناك أي شيء يتوق إليه إلاَّ كل ما يُرضي المسيح؟ وإذا كانوا هكذا يثبتون في المخلِّص، فهل يمكنهم أن يشتهوا شيئاً يتعارَض مع الخلاص؟ بعض الأمور، في الواقع، نروم إليها لكوننا في المسيح، وأخرى نبتغيها لكوننا ما زلنا في هذا العالم. ففي بعض الأوقات، بسبب ارتباطنا بهذا المسكن (الجسد)، تدفعنا غرائزنا من الداخل أن نطلب ما لا نعرف أنه غير مناسب لنا. ولكن الله لا يسمح أن نُعطَى مثل هذه الأمور إذا كنا ثابتين في المسيح، بل فقط يمنحنا ما هو  نافع لنا. 
فإذا نحن ثبتنا بالفعل فيه ورسخ كلامه فينا، نسأل ما نريد فيكون لنا. أما إذا طلبنا شيئاً ولم يُجـِبْ، فهذا يعني أن طلبتنا لا تتوافق مع ثباتنا فيه، ولا مع ثبات كلامه فينا؛ بل مع إلحاح الجسد وضعفه... لأنه في كل الأحوال تتوافق مع كلامه تلك الصلاة التي علَّمنا إيَّاها الرب والتي نردِّدها قائلين: ( ابانا الذى فى السموات) إذن، فلا ننحرف عن كلام ومعنى هذه الصلاة عندما نُقدِّم طلباتنا، وكل ما نسأله سيُعطَى لنا. 

القديس أُغسطينوس أسقف هيبو (354-430م) 



الأب الروحي بحسب التقليد الأرثوذكسي

       عندما نتكلّم عن الأب الروحي، نَصِفُه بشيئين أساسيين: فمن ناحيةٍ، نميّز بين الأب الروحي والأب الجسدي، والفرق بين الإثنين كبير جداً بمقدار ما تختلف الولادة الروحية عن الولادة الجسدية. يقول أرسطو أن الفضل يعود إلى أهله الذين أنجبوه في الحياة الطبيعية، بينما يعود الفضل في فضيلته إلى معلّميه. وهذا الإختلاف ينطبق علينا