أنار الإعلان الكتابي السر الأول العظيم الخاص بخلق الإنسان. وقد أبطل هذا الإعلان الكتابي كل الأساطير القديمة وتفوَّق على كل تعليم وفكر فلسفي، إذ نادى بأن الإنسان هو مخلوق بواسطة الله: « وقال الله نخلق الإنسان » (تك1: 26).
فالإنسان ليس كائنًا أزليَّا ولا هو مخلوق بالصدفة أو بواسطة قوة مجهولة.
الإنسان في نظر الله، مخلوق « حسن جدًا »، إنه تاج الخليقة، إذ أقامه الله على مخلوقاته كملك على كل الخليقة.
يقول القديس ذهبي الفم متسائلاً: [ لأي سبب يُخلق الإنسان آخِر المخلوقات بالرغم من أنه أثمنها؟ من الطبيعي عندما يأتي الملك منتصرًا إلى المدينة أن يسبقه أتباعه لينظفوا القصور ويجعلونها لائقة لكي يدخل فيها الملك. هكذا هنا، كأن الله يريد أن يقيم على هذه الأرض ملك ورئيس، صنع أولاً كل هذا الجمال على الأرض وبعد ذلك خلق الإنسان الذي أقامه سيدًا عليها. بهذه الطريقة أظهر لنا تكريمًا خاص للإنسان ] ([1]).
لقد خُلِق الإنسان (ذكرًا وأنثى) في النور، ولم يوجد أبدًا في خلقته ظلمة أو شيء غامض مستتر. فالإنسان ــ بحسب تعاليم الكتاب المقدس ــ هو طاهر ومقدس وخليقة إلهية، وفي وجوده النفسي والجسدي لا يوجد فيه (أي الإنسان ذكرًا وأنثى) شيئًا غير طاهرًا أو نجسًا.
يكشف الإعلان الإلهي الكتابي عن كنوز غير معروفة في سر خِلقة الإنسان بواسطة الله.
وخلاصة الكتب المقدسة سواء العهد القديم أو الجديد، هي أن الإنسان خُلِقَ على أساس خطة الله الأزلية. هذه الخِطة الإلهية توضِّح الدوافع التي دفعت الله لأن يخلق الإنسان، وكذلك طبيعة وهدف الوجود الإنساني. والعناصر الهامة في الخطة الإلهية بخصوص الإنسان هي الآتي:
أ ـ الإنسان خُلِقَ مِن فيض محبة الله
إن خلقة الإنسان ليس لها علاقة بصراعات وحروب بين الآلهة كما تنادي الأساطير القديمة التي تربط خِلقة الإنسان ومصيره بصراع الآلهة فيما بينهم، مثل الأسطورة البابلية عن صراع الإله Marduk، وكذلك مثل بقية الأساطير اليونانية التي تنادي بهذا الصراع بين الآلهة والذي نتج عنه خِلقة الإنسان([2]). فالإنسان هو مخلوق بواسطة الله الصالح كلي القدرة. وهذا ما تشهد به النصوص المقدسة ([3]).
إن الآباء القديسين ــ على أساس الإعلان الكتابي ــ ينادون بأن الإنسان هو نتاج محبة الله الثالوث الذي هو « محبة » (1يو4: 16). ويؤكد القديس يوحنا ذهبي الفم على أن محبة الله وصلاحه هما الدافع لخلق الإنسان والعالم ([4]).
إن محبة الله الأزلية هي الدافع لخلق الكون والإنسان بقصد إقامة شركة محبة بين الخليقة والخالق وبالحري بين الله والإنسان.
لقد أُعلنت محبة الله للإنسان ــ في سفر التكوين ــ بطريقة خاصة، وذلك من الطريقة المميزة التي بها خلق الله الإنسان. إذ بينما خلق الله الكون بأمر منه؛ على سبيل المثال حينما قال « فليكن نور » (تك1: 3)، إلا أنه حين خلق الإنسان قال: « نعمل الإنسان على صورتنا كشبهنا. فيتسلطون على سمك البحر وعلى طير السماء وعلى البهائم ... فخلق الله الإنسان على صورته. على صورة الله خلقه ذكرًا وأنثى خلقهم ... وجبل الرب الإله آدم ترابًا من الأرض. ونفخ في أنفه نسمة حياة فصار آدم نفسًا حية ... » (تك1: 6ــ7، 2: 7ــ8). هكذا تشهد النصوص الكتابية على أن الله من محبته يخلق الإنسان ويهدف إلى تطويب أبدي لهذا المخلوق ([5]).
لذا يقول القديس غريغوريوس النيصي: [ لم يخلق الله الإنسان عن احتياج ما، لكن من محبته العظيمة خلق هذا الموجود الحي بسبب أنه كان ينبغي لنور الله أن لا يظل غير مرئي، ولا لمجده يظل غير معروف. أيضًا لا ينبغي أن لا تستمتع مخلوقات أخرى بهذه المحبة ولا لطاقات الله الأخرى أن تظل بلا عمل، بدون أن يوجد شخص يشارك في هذه الطاقات ويفرح بها ] ([6]).
ب ــ خِلقة الإنسان هي نتاج القرار الحر من الله بإجماع الثالوث القدوس
لقد خلق الله الإنسان ــ كما قلنا ــ بمبادرة محبته الحرة، وأيضًا بإجماع أقانيم الثالوث ([7]). يذكر نص سفر التكوين الآتي: « نخلق الإنسان على صورتنا ». أسلوب الجمع « نخلق » ليس للاحترام أو التفخيم لكن هو « جمع » يشير إلى الثالوث بحسب إيمان الكنيسة والآباء ([8])، ويعلن هذا التعبير أن خلق الإنسان كان نتيجة قرار حر وإجماع الثالوث القدوس ([9]).
ج ــ خلق الإنسان ذكرًا وأنثى هو قرار أزلي من الخالق
إن خلق الإنسان ذكرًا وأنثى كان من ضمن تدبير الثالوث الأزلي وخطة الله الحكيمة: « وقال الله نعمل الإنسان على صورتنا كشبهنا. فيتسلطون على سمك البحر وعلى طير السماء وعلى البهائم ... » (تك1: 26).
في هذا العدد نلاحظ الآتي: « نعمل الإنسان »
هنا يتحدث الله عن خلق الطبيعة البشرية. وبعد ذلك يذكر الملمح الشخصاني للطبيعة البشرية « على صورتنا كشبهنا » أي وفق صورة الطبيعة الإلهية التي تتميز بالثلاثة أقانيم. وأخيرًا يذكر إشارة واضحة إلى شخصين في الطبيعة البشرية: الذكر والأنثى: « على صورة الله خلقه ذكرًا وأنثى » (تك1: 27).
ونرى بوضوح في نفس عدد 27 من الإصحاح الأول لسفر التكوين أنه وفق خطة الله الأزلية فإن الجنسين (الذكر والأنثى) خُِلقا على صورة الله، وهذا يعني أن المرأة والرجل لهما نفس النموذج المخلوقين عليه. وهذا يعني أن قرار الله الأزلي هو أن تكون للجنسين معًا نفس الدعوة والاتجاه نحو الكمال وملء الطبيعة البشرية.
أيضًا يوجد نموذجين أو أصليْن Αρχέτυπα ή Πρότυπα للطبيعة البشرية. فيمكننا أن نتحقق من كتابات الآباء أن الأنثروبولوجيا الأرثوذكسية قبلت نموذجين للإنسان:
النموذج الخريستولوجي: Το Χριστολογικό Αρχέτυπο
النموذج الثالوثي: Το Τριαδικό Αρχέτυπο
النموذج الخريستولوجي يخص دعوة وهدف الوجود البشري (ذكرًا وأنثى) بأن تتحقق فيه وحدة الطبيعة البشرية الواحدة وغير القابلة للتجزأ. أما النموذج الثالوثي يخص ملمح الطبيعة البشرية الشخصي والاجتماعي بالأخص في الدعوة بأن يكتسبا كل من الذكر والأنثى كمالهما وتكاملهما.
أ ـ النموذج الخريستولوجي للإنسان
إن خطة الله الأزلية ــ التي تكلمنا عنها سابقًا ــ لم تكتف بأن تقرر خلق الإنسان، لكن حددت النموذج الأصلي لهذا الإنسان. فالله لم يقرر أن يخلق فقط قمة الخليقة والوجود: الإنسان. لكن اختار له « الموديل » أو النموذج الأصلي Αρχέτυπον.
والنص الكتابي هو واضح جدًا: « قال الله نعمل الإنسان كصورتنا كشبهنا » وتعبير « على صورة » له مفهوم « الموديل » والذي دعاه آباء الكنيسة النموذج الأصلي [Αρχέτυπο) . [10 )
هكذا العنصر الأول الذي يجب أن ننتبه إليه هو أن الإنسان خُلِق على أساس نموذج أو أصل معين. والعنصر الثاني هو أن النص الكتابي لا يتحدث عن أن الإنسان هو صورة الله، لكن أن الله قرر أن يخلق الإنسان بحسب صورته، وبالإجماع فإن صورة الله هو الابن، الأقنوم الثاني للثالوث القدوس: « الذي (المسيح) هو صورة الله غير المنظور، بكر كل خليقة » (كو1: 15). هكذا تعليم الآباء القديسين أُسِّس على هذا الإعلان الرسولي بأن المسيح « هو صورة الله غير المنظور بكر كل خليقة »([11]).
إذن كون الإنسان يُخلَق « على صورة الله » أو « بحسب صورة الله » يعني أن المسيح هو نموذج أو أصل الإنسان. يقول القديس أثناسيوس الرسولي: « لقد خلقه على صورة الكلمة حتى يستطيع بذلك أن يعرف الكلمة وبه يعرف الآب »([12]).
وبالرغم من أن المسيح هو شخصًا تاريخيًا عاش بعد خلق الإنسان الأول، إلا أن هذه الحقيقة لا تلغي هذا التعليم الآبائي لأن كل خليقة الله يجب أن يُنظَر لها داخل إطار حقيقة الله الأبدي والأزلي وغير الزمني. هكذا بمجرد أن خلق الله العالم أظهر له هدفه النهائي الذي يجب أن يتوجه إليه والذي هو نفسه: « الكل به وله قد خُلِق » (كو1: 16)، إذن لكي نعرف هدف الإنسان ليس لدينا إلا أن ندرس نموذجه الخريستولوجي أي المسيح الذي جسَّد وحقق تمامًا هذا الهدف.
Iــ هدف الإنسان وفق النموذج الخريستولوجي
لقد دُعي الإنسان لكي يجمع العالم المخلوق ويوَّحده ليتحد بخالقه، ولكي يتحقق هذا عليه أن يُبطل الإنقسام الحادث للطبيعة البشرية لـ (ذكر وأنثى) وكذلك يوحِّد الفردوس بالأرض، أي يعمل على تغيير وتجلي الأرض لتصبح فردوسًا. أيضًا عليه أن يُبطل الانقسام الحادث للطبيعة المخلوقة إلى أرض وسماء. وكذلك الانقسام الحادث بين الذهني والمحسوس وأيضًا تحقيق الاتحاد التام بينه وبين الله من خلال شركة المحبة وبالتالي كل الكون يتحد بالله.
المسيح كنموذج للإنسان حقق وحدة كل هذه الانقسامات كما قال بولس الرسول « جمَّع كل شيء » (أف1: 10)، أي حقق وحدة الخليقة جمعاء وصار بالنسبة لها الرأس والملك، والعمل الذي فشل فيه آدم الأول، فعله المسيح، آدم الثاني، كنموذج للإنسان ([13]). نستطيع ــ في هذا الإطار ــ أن نرى هدف الإنسان كالآتي:
أ ـ تخطي التميز بين الجنسين
المسيح بولادته من العذراء مريم « بالروح القدس » أبطل تمييز الطبيعة البشرية لذكر وأنثى. بالرغم من أن المسيح وُلِدَ كإنسان ذكر إلا أنه وحَّد في شخصه الوجود البشري وأبطل التمييز بين الجنسين. أي أن المسيح في شخصه تخطى وأبطل التمييز بين العنصر الذكوري والعنصر الأنثوي وبهذه الطريقة صنع وحدة وسلامة للطبيعة البشرية الواحدة وغير المجزئة.
لذا يقول أفدوكيموف: « أن المسيح هو نموذج كامل للعنصر البشري، آدم الثاني الذي يحتوي في داخله الكل، كما كان آدم الأول قبل ولادة حواء يحتوي العنصر الرجولي والنسائي بدون أي إختلاف »([14]). هكذا أظهر المسيح في شخصه نموذج الطبيعة البشرية الدفين والحقيقي والذي هو موجود في الجنسين والمتحرر من خصائص الذكورية والأنثوية.
ويعبِّر القديس بولس بوضوح عن هذا التخطي، وهذا السمو في شخص المسيح قائلاً: « ليس يهودي ولا يوناني. ليس عبد ولا حر. ليس ذكر وأنثى لأنكم جميعًا واحد في المسيح يسوع » (غل3: 28).
إذن المسيح كنموذج للإنسان حقق الهدف الأول للوجود البشري. وبالتالي أول هدف للإنسان هو تخطي التمييز بين الجنسين وإعادة الوحدة للطبيعة البشرية الواحدة وغير المجزئة. وتخطي التمييز بين الجنسين هو الهدف المدعو إليه الإنسان ليحققه في هذه الحياة، أي داخل التاريخ. بواسطة الزواج أو البتولية.
ب ـ تجلي الأرض
لقد وحَّد المسيح بصليبه الفردوس بالواقع الأرضي « اليوم تكون معي في الفردوس ». وتجلي المسيح على جبل طابور كان إنباء مسبق لتجلي وتجديد الأرض والعالم كله.
هكذا الهدف الثاني للإنسان والذي يرتبط مباشرةً بالوصية الأولى « اعملها وأحفظها » هو محاولته لتجلي الأرض وتغييرها إلى فردوس. هذا الهدف ينسحب على كل محاولات الإنسان الإبداعية والثقافية والتي لابد أن يفعِّلها الإنسان في الحياة الحاضرة لتجلي الأرض إلى فردوس.
ج ـ توحيد الكون
المسيح بصعوده وحَّد الأرض بالسماء « جعل الاثنين واحدًا هما السماء والأرض ». إذن الهدف الثالث للإنسان يخص بالتأكيد كل الكون. وفي هذه الحالة يكتسب عمل المسيح الخلاصي أبعادًا مسكونية ويمتد دوره أبعد جدًا وخارج حدود كوكب الأرض.
د ـ وحدة العالم الذهني بالعالم المادي المحسوس
بصعوده وحدَّ المسيح وصالح الأرضيين بالسمائيين أي عالم الملائكة الروحي بالعالم المحسوس المادي.
إذن الهدف الرابع للإنسان هو اتحاد العالم المنظور بالعالم الملائكي غير المنظور. الملائكة، مثل الإنسان، مخلوقات قد خُلِقت بواسطة الله. لكن هذين العالمين هما موجدان في حالات مختلفة تمامًا. لذلك أعطى الإنسان هذا الهدف العظيم بأن يوِّحد هذين العالمين.
إن الخالق أعطى منذ البداية للإنسان الإمكانية لتتميم هذا الهدف، لأن الله خلقه مخلوق ذو وجود روحي ومادي، فالإنسان هو المخلوق الوسيط بين العالمين الروحي والمادي. لذا هو مدعو لأن يحقق هذا الهدف.
هـ ـ اتحاد الإنسان بالله
عمل آخر أساسي للمسيح كنموذج للإنسان كان إعادة الوحدة بين الله والعالم المخلوق مثلما، في شخصه، وحَّد الخالق مع المخلوقات وقدم إلى الله الآب الخليقة متحدة به. أيضًا أخذ الطبيعة البشرية في شخصه الإلهي وقدَّسها « بدون امتزاج ولا تغيير ولا انفصال » ووحدها بالطبيعة الإلهية. ونتيجة لهذا الاتحاد بين اللاهوت والناسوت كان تقديس الطبيعة البشرية.
فالإنسان مدعو لأن يصنع شركة بين وجوده المخلوق والوجود الإلهي غير المخلوق، وفق نموذج المسيح. هذه الشركة بين الله والإنسان تتطلب عمل مشترك بين الإنسان والله.
IIــ النموذج الثالوثي للإنسان
كما قُلنا سابقًا، في تك1: 26 يُعبَّر بوضوح عن رغبة وقرار الله الثالوث القدوس الأبدي للملمح الشخصاني والاجتماعي للطبيعة البشرية، وأُعلنت إرادة الله بأن خلق الكائنيْن البشرييْن، الرجل والمرأة.
بكلام آخر، في عدد1: 26 هناك كلام عن ثنائية الطبيعة البشرية في علاقتها مع الطبيعة الإلهية الثالوثية. فالملمح الاجتماعي للطبيعة البشرية يمثِّل تعبير لخلق الإنسان « بحسب صورة الله » وبواسطة خلق الإنسان منذ البدء ذكرًا وأنثى ليس كـ « أنا » فقط لكن كـ « أنت ». وبذلك وضع الله أساس الشركة البشرية وجذَّر للحياة الاجتماعية([15]).
بالتالي أهمية النموذج الثالوثي للإنسان هو ضروري لكي نتحقق من الملمح الاجتماعي للطبيعة البشرية وأهداف العلاقة الشخصية للكائنيْن البشرييْن، الرجل والمرأة.
1ـ الإنسان كشخص
لكي نفهم الملمح الشخصي والاجتماعي الذي فيه قرَّر الله أن يعطيه للطبيعة البشرية، يجب أن نحلِّل أهمية وعمل الشخص البشري. يجب أن نعرف أولاً الفرق الكبير الموجود بين مفهوم « الفرد » و « الشخص ». الفرد هو واحد، إنسان معزول، الإنسان كفرد، هو جزء من مجموع من البشر، رقم واحد، الإنسان كفرد هو منغلق على ذاته، داخل حدود وجوده الضيق، الرجل في وجوده الذكوري والمرأة في وجودها الأنثوي. بهذه الطريقة، الإنسان كفرد محصور في ذاته ومنغلق في وجوده الفردي، هو محكوم عليه بالضعف والانطفاء.
الشخص([16])، على النقيض، هو إنسان له علاقة بآخرين من البشر. الإنسان، كشخص، ليس محصورًا في ذاته، في فرديته لكنه يمتد خارجًا وأبعد من حدوده الفردية لكي يصنع علاقة مع الآخر. بالتالي الشخص هو ذاك الإنسان الذي يصنع علاقة مع الآخرين، ويحيا في علاقة وشركة معهم. بهذا المفهوم، الشخص يستلزم الشركة مع الآخر.
في هذه الحالة، الإنسان كشخص، رافضًا وجوده الفردي يمتد إلى الطبيعة البشرية الواحدة والجامعة، وهكذا تغتني بكل ما ينتسب إلى الكل. بهذه الطريقة، الإنسان يجمع في شخصه كل الطبيعة البشرية وبالتالي يبطل تجزئة الطبيعة التي هكذا تجد مرة ثانية وحدتها وسلامتها([17]).
أ ـ العلاقة الشخصية بين الله والبشر
الله ليس منغلق ومحصور في ذاته لكنه في شركة المحبة بين الأقانيم الثلاثة ذات الجوهر الواحد. إذن النموذج الثالوثي للإنسان يُظهِر أن الله أراد أن يكون الإنسان ليس كائنًا فرديًا بل شخصيًا. شخص يوجد دائمًا وأمامه ليصنع شركة معه ويتناقش معه ويجاوبه.
هذا يعني أن الإنسان خُطط له أن يوجد كشخص لكي يصنع شركة ويتحاور مع خالقه.
فالله لم يفتتح فقط حوارًا إلهيًا بشريًا، لكنه مستمرًا فيه بلا انقطاع في حياة وتاريخ الإنسان.
ب ـ العلاقة الشخصانية بين الجنسين
الملمح الشخصي والاجتماعي للإنسان يُعلَن، ليس فقط في الحوار بين الله والإنسان ــ كما قُلنا سابقًا ــ لكن بين الإنسان والمُشارِك معه في الإنسانية والرفيق المساوي له. هذا الحوار الإنساني بين « الأنا » و « الأنت » يمثِّل حجر الزاوية لملمح الطبيعة البشرية الشخصي والاجتماعي. على الجانب الآخر فإن العلاقة والحوار الشخصي بين الرجل والمرأة يجب أن يصاحبه، بل ويعتمد على الحوار الإنساني الإلهي أي بين الإنسان والله.
2ـ أهداف الملمح الشخصي للطبيعة البشرية
أهداف الملمح الاجتماعي الشخصي للإنسان يتعلق بطريقة عمل الشخص، لأن الشخص ــ كما قلنا ــ يمثل حالة ديناميكية، ليس فقط ككائن إلهي، بل ككائن بشري له أهداف عظيمة وجوهرية. بالتالي لكي نحدِّد أهداف وملمح الطبيعة البشرية الشخصية، سنشير إلى أعمال الشخص، كما أُعلنَت في نموذج الإنسان الثالوثي.
أــ المعرفة المتبادلة بين الشخصيْن البشرييْن
المعرفة المطلقة للأقانيم الثلاثة فيما بينهم هي الملمح الأساسي لشركة الإلوهية الثالوثية الشخصية. وقد أكَّد المسيح نفسه هذه الحقيقة حين قال: « لا أحد يعرف الابن إلا الآب ولا أحد يعرف الآب إلا الابن » (مت11: 27)، و « كما أن الآب يعرفني وأنا أعرف الآب » (يو10: 15).
إذن الهدف الأول للملمح الشخصي للطبيعة البشرية هو المعرفة المتبادلة للشخصين الرجل والمرأة، أي أن يكون بينهما معرفة كاملة.
على الجانب الآخر، أول عمل للإنسان كشخص هو العلاقة والشركة بين الكائنات البشرية، انعكاس الواحد داخل الآخر. بتعبيرٍ آخر، في علاقة الشخصية، يعمل الواحد كمرآة للآخر.
فالرجل يعمل كمرآة للمرأة والمرأة كمرآة للرجل.
فالمرأة « بنقائها المنير تصير مرآة تعكس شخص الرجل، وتعلنه في الرجل نفسه وهكذا تُكمله. المرأة لديها نعمة التسلُّل إلى وجود الآخر. أي لها إمكانية عظيمة مباشرة لاستيعاب الشخص البشري. بهذه الإمكانية تساعد الرجل لأن يفهم ذاته ويحقق معنى وجوده، وتكمله وتوضح له غايته وبواسطة المرأة ينمو الرجل بطريقة سهلة عظيمة »([18]).
نتيجة هذا الانعكاس المُتبادَل تتكون المعرفة فيما بين الشخصين. الرجل وهو أمام مرآة زوجته يرى ذاته أفضل ويعرفها بعمق. والمرأة وهي ترى شخصها داخل مرآة شخص الرجل تعرف وجودها أفضل معرفة. نجد هذا الهدف في النصوص الكتابية
: « وقال الرب الإله ليس جيدًا أن يكون آدم وحده. فأصنع له مُعينًا نظيره. وجبل الرب الإله من الأرض كل حيوانات البرية وكل طيور السماء فأحضرها إلى آدم ليرى ماذا يدعوها. وكل ما دعا به آدم ذات نفس حية فهو اسمها. فدعا آدم أسماء جميع البهائم وطيور السماء وجميع حيوانات البرية. وأما لنفسه فلم يجد معينًا نظيره. فأوقع الرب الإله سُباتًا على آدم فنام. فأخذ واحدة من أضلاعه وملأ مكانها لحمًا. وبنى الرب الإله الضلع التي أخذها من آدم امرأة وأحضرها إلى آدم. فقال آدم هذه الآن عظم من عظامي ولحم من لحمي. هذه تُدعى امرأة لأنها من إمرء أُخذت. لذلك يترك الرجل أباه وأمه ويلتصق بإمرأته ويكونان جسدًا واحدًا » (تك2: 18ــ24).
هذا النص يذكر تفاصيل للطريقة التي بها يعمل الآباء الأولون كأشخاص في المرحلة الأولى. بعد خَلْق الإنسان الأول (آدم) وقبل خلق الإنسان الثاني (حواء)، يقول الله تعبيرًا هامًا: « قال الرب الإله ليس جيدًا أن يكون آدم وحده » (تك2: 18). هذه الصياغة تشير إلى نتائج عدم عمل الإنسان كشخص، بسبب غياب الشخص الثاني.
إذن بحسب تقييم الله الخالق للإنسان ذو البعد الواحد، الإنسان فقط الذي سوف لا يعمل كشخص، بسبب غياب شخص ثانٍ لن يتجاوب مع هدف خلقته. « ليس جيد أن يبقى الشخص بمفرده. لأن العزلة ستكون مضادة لجوهر المحبة الإلهية التي هي في نفس الوقت ثالوثية »([19]).
بالحري، الإنسان كفرد، لن يستطيع أن يعرف ذاته ويمضي في تحقيق هدفه. على النقيض العزلة سوف تقود الإنسان إلى سجن. الإنسان الفردي يخاطر في أن يصبح كائن أناني منغلق على ذاته، مخلوق منغلق وفقير مثلما يحدث للطفل الوحيد الذي يصير مرات كثيرة وحيدًا، أنانيًا ومنغلقًا على ذاته. فلنرى الآن كل ما أشار إليه النص الكتابي لخلق الشخص البشري الثاني (حواء).
أعطى الله، بحكمته ومحبته، حلاً مباشرًا لمشكلة عُزلة الوجود البشري. فقد خلق، مباشرةً، شخصًا بشريًا آخر، المرأة التي وضعها بجوار وفي اتجاه الرجل، محدِّدًا دورها: « فأصنع له معينًا نظيره » (تك2: 18). لكن ما هي المعونة التي كانت ستعطيها حواء إلى آدم؟
بالنسبة للقدماء، يتطابق دور المرأة مع دور الطبيعة والحيوانات، لذلك حُصر دورها في الإخصاب وإرضاء الرجل، لكن الإعلان الكتابي يعطي محتوى آخر هام جدًا ومكرَّم في دور المرأة المساعد بمصطلح « معين »، فيشير الكتاب إلى الدعوة التي أُعطيت للمرأة بأن تعمل كشخص، وأن تساعد الرجل ليفهم ذاته. وهذا الفكر نراه بعد ذلك في سفر التكوين، آدم وهو يرى لأول مرة مخلوق الله، الجديد (حواء)، يندهش لأنه في شخصها بدأ يتعرَّف على ذاته، ويعترف وهو ممتلئًا دهشة: « هذه عظم من عظامي ولحم من لحمي » (تك2: 23).
بل هناك أمرٌ أكثر من ذلك؛ فإن حضور المرأة يعطيه إمكانية أن يعطي اسم لذاته. هكذا، بينما الإنسان الأول حتى تلك اللحظة، في النص المقدس، يُذكَر بالاسم الجمعي « آدم » (اسم عبري بمعنى « ترابي » Χοϊκός )، هو نفسه يُعلِن أن اسمه سيكون « رجل » Ανήρ (بالعبرية isch vyai التي تعني إنسان ذكر). واسم المخلوق الجديد « إمرأة » γυνή (بالعبرية Ische אִשָּׁה الذي يعني إنسان أنثى).
مفهوم الإنسان كشخص يقود إلى أن الرجل أيضًا يصير « معين » للمرأة، إذ يصير أيضًا مرآة لها لتعرف ذاتها. وبالرغم أن نص التكوين يتحدث فقط عن دور المرأة المعين للرجل، لكن بولس الرسول يشدِّد، قائلاً: « غير أن الرجل ليس من دون المرأة ولا المرأة من دون الرجل في الرب » (1كو11: 11). وهذا يُذكِّرنا بخلق المرأة « من جنب الرجل » (انظر تك2: 21ــ22)، والذي يعني أن الرجل هو « المعين » الفريد والمشارك والرفيق للمرأة في مسيرتها نحو تتميم هدفها المعيَّن من الله.
ب ــ وحدة الطبيعة البشرية
ملمح آخر لنموذج الإنسان الثالوثي هو الوحدة المطلقة للأقانيم الإلهية الثالوثية والتي بها يُعبَّر عن وحدة الجوهر الإلهي. النص الكتابي يشدد على أن هدف خلق الجنسيْن هو حفظ وحدة الطبيعة البشرية: « من أجل هذا (أي بسبب ملمح الوحدة وغير الانفصال للطبيعة البشرية) يترك الرجل أباه وأمه ويلتصق بإمرأته ويكونان الاثنان واحدًا » (تك2: 24).
بالتالي فإن الجنسين قد خُلِقا بواسطة الله، لا لكي تنفصل الطبيعة البشرية بل لكي تتحد. لأجل هذا السبب، الاختلاف بين الشخصيْن مرتبط باتحادهما « في جسد واحد ». الجسد الواحد ليس إلا الطبيعة البشرية الواحدة، الجسد الواحد غير المنقسم. وقد أشار المسيح بنفسه إلى هذه الحقيقة قائلاً: « ليسا بعد اثنين بل جسد واحد. فالذي جمعه الله لا يفرقه إنسان » (مت19: 6).
أي لا تستطيع أن تفصل الجسد الواحد إلى اثنين، هكذا الرجل والمرأة يكونان جسدًا واحدًا فالذي (بالمفرد) جمعه الله لا يفرقه إنسان. بهذا المفهوم، الشخصان البشريان، المرأة والرجل ليسا اثنين على طريقة الجمع (1+1=2) بل على طريقة (1×1=1).
إذن هدف الجنسيْن أن يصيرا واحدًا؛ أن يكتسبا وحدة الطبيعة البشرية. فهدف المحبة هي أن تجعل الاثنين واحدًا. هذه الوحدة هي هدف شركة المحبة بين اثنين بشرييْن وفق نموذج الوحدة بين الثالوث القدوس.
ج ــ كمال واكتمال الشخصيْن البشرييْن
الثالوث القدوس هو الكامل كمالاً مطلقًا. على النقيض، البشر هم مخلوقات غير كاملة، لكن الله وضع فيهم الميل تجاه الكمال. كما تكلمنا سابقًا عن مفهوم الخلق « بحسب صورة الله ». فعبارة « بحسب صورة الله » تعبِّر عن الدعوة التي أُعطيت للاثنيْن البشرييْن ليمتدوا ويسعوا نحو الكمال وملء الكينونة البشرية. نفس الدعوة عبَّر عنها النموذجان ــ كما تحدثنا سابقًا.
الخليقة غير العاقلة خُلقَت في حالة كمال ولا تقبل التحسن. فالمخلوقات غير العاقلة تظل في نفس حالتها من لحظة الخلق وتتمم هدفها المرسوم بطريقة آلية، مكررة بثبات نوعية وجودها. على النقيض، في الكائنات العاقلة؛ أي البشر، فإن كمالهم واكتمالهم الكُلي قد أُعطي لهم كهدف لوجودهم. فإن الشخصيْن البشرييْن قد دُعيا لأن يعملا معًا ومع الله لكي ينالا كمالهما. وعندما نُدرك أن أحد مواهب الخلق « بحسب صورة الله » هو العقل أو المنطق، عندئذٍ نستطيع أن نقول أن الله أعطى الأداة أو الوسيلة لكمال واكتمال الجنسيْن. وهذا هو حوار المحبة؛ بهذا الحوار يتخطى كل أحد (يسمو فوق) ذاته ويصير شيئًا آخر. وهذا هو مفهوم الشخص: « لكي تُوجد كشخص يعني أن تصير شيئًا آخرًا متجاوزًا ذاتك ».
وهذا يعني أن الإنسان يستطيع أن يصير كاملاً أو أن يحقق الكمال فقط عندما يكون في علاقة وارتباط مع إنسان آخر، أي يكون الأخ في الإنسانية، مُشارِكًا للآخرσυνάνθρωπος .
هكذا الشركة الشخصية للجنسيْن تؤسس وتكون فعالة في العلاقة الديالكتية بين « الأنا » و « الأنت ». ونتيجة هذه العلاقة هي العون المتبادل ونوال ملء الكائن البشري.
د ــ تكوين شركة أشخاص: الكنيسة
إن هدف خلق الجنسين لم يكن مجرد إقامة شركة بشرية صغيرة لشخصيْن. فآدم وحواء لم يُخلقَا لكي يحيا بمفردهما في عالم الله. لقد أعطاهما الله، مباشرةً بعد خلقهما، البركة الأولى: « أكثروا وإثمروا » (تك1: 28). وبالتالي فإن خَلْق الجنسيْن يهدف إلى تضاعف البشر وتكوين شركة أشخاص.
انفتح الثالوث القدوس بمحبتهم، ليس الواحد للآخر، لكن امتدت هذه المحبة تجاه مخلوقات أخرى وخاصةً تجاه البشر ــ كما قلنا. في هذا الإطار، تمثل شركة الثالوث نواة شركة بين الأشخاص، والتي فيها يصيرون أيضًا متحدين بالخالق. إذن يهدف خلق الجنسيْن إلى تحقيق شركة الأشخاص، أي الكنيسة، التي هي ملكوت الله على الأرض بحسب ذهبي الفم ([20]).
خاتمة
ينبغي علينا أن نعترف ــ كما علمتنا الكتب المقدسة وتعاليم الآباء ــ بأن:
أولاً: الجنسان (الذكر والأنثى) هما متساويان ومن جوهر واحد. فالمرأة والرجل متساويان حقًا، إذ أن جوهر الاثنين هو واحد. فالطبيعة البشرية تتكون من عنصريْن: العنصر المادي (تك2: 7) و « نسمة الحياة »؛ العنصر الإلهي. هكذا الإنسان هو الكائن الفريد الذي وحَّد العنصر المادي بالعنصر الإلهي. هذا الاتحاد بين العنصر المخلوق المادي وبين العنصر غير المخلوق الإلهي، يبرهن على أن كلاً من الرجل والمرأة لهما قرابة مع الله، فالاثنيْن ينتميان إلى عائلة الله. إن سر القرابة بين الإنسان والله ينبع من إيماننا بأن الإنسان خُلِق بحسب صورة الله ومثاله.
ثانيًا: الجنسان (الذكر والأنثى) لهما نفس الكرامة. إذ لهما نفس القيمة والمكانة. وكما سبق في إشارتنا عن نموذجي الإنسان، رأينا أن الخلق « بحسب صورة الله ومثاله » لا ينسحب فقط على الرجل (آدم) ولكن على المرأة (حواء) أيضًا.
والتعليم الآبائي يتفق تمامًا مع هذه الحقيقة ([21]). ومن الواضح أن الله عندما يوجِّه حديثه للإنسان لا يميِّز بين الجنسيْن. ففي نص سفر التكوين يستخدم المفرد المذكر والجمع: « نعمل الإنسان (مفرد) على صورتنا كشبهنا، فيتسلطون (جمع) على سمك البحر وعلى طير السماء ... فخلق الله الإنسان على صورته. على صورة الله خلقه. ذكرًا وأنثى خلقهم » (تك1: 26ــ27).
هكذا يؤكِّد الإعلان الكتابي على التماثل الكائن بين المرأة والرجل، وهذا الأمر كان غريبًا جدًا بالنسبة للقدماء. فالمرأة في المجتمعات البدائية، بالإضافة إلى أنها تُعتبَر نتاج الآلهة الشريرة، كانت تتطابق ــ في نظرهم ــ مع القدرات الإخصابية للطبيعة (ديانة الإخصاب). فالمرأة لم تكن ــ عند القدماء ــ شخص بشري له أهمية خاصة.
أما الإعلان الكتابي، فقد أعطى المرأة الكرامة والتقدير اللائقيْن بالشخص الإنساني. فآدم، في سفر التكوين (تك2: 19ــ23)، وهو يتأمل الحيوانات، تحقق بحزنٍ وقنوط كيف لا يشبهه أيٌ من هذه الحيوانات، وبالتالي لم يجد رفيق له في الحياة، « وأما لنفسه فلم يجد معينًا نظيره » (تك2: 20). لكن عندما خلق الله المرأة وقدمها لآدم، وقتذاك تحقق بفرح ورضاء بأن هذه المرأة ــ عكس كل الحيوانات ــ تشبهه ولها نفس طبيعته ([22]).
كذلك فإن خلق المرأة من جنب الرجل، يؤكِّد على أنها شخص بشري كامل. بهذه الطريقة، يرفع الإعلان الكتابي المرأة إلى مستوى الشخص البشري. والمرأة تحصل، مثل الرجل ــ عن حق ــ على اسم مشترك معه: « إنسان »([23]).
د.جورج عوض إبراهيم
دكتوراة فى العلوم اللاهوتية
باحث بالمركز الارثوذوكسى للدراسات الابائية
مدرس بالكلية الاكليريكية بالقاهرة
+ نشر هذا البحث اولا فى مجلة مدرسة الاسكندرية - السنة الاولى - العدد الثانى
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] القديس يوحنا ذهبي الفم: عظة عن الميلاد ΒΕΠΕΣ 42,100. أيضًا انظر غريغوريوس النيصي حول تجديد الإنسان PG44,133
[2] انظر موسوعة الشمس، مجلد اليونان، ص84 (باللغة اليونانية).
[3] انظر البروفيسور سافا أغوريدس، الأسطورة والتاريخ ـ اللاهوت، أثينا 1988، ص47 (باللغة اليونانية).
[4] انظر PG47.427.
[5] انظر ب. براتسيوتس، أنثروبولوجية العهد القديم، الجزء الأول، أثينا 1976، ص26 (باللغة اليونانية).
[6] PG45.21BC.
[7] انظر فلاديمير لوسكي، لاهوت الكنيسة الشرقية السري، أثينا 1994، ص83 (باللغة اليونانية).
[8] عندما يبرهن ـ على سبيل المثال ـ القديس كيرلس على أن الآب والكلمة لهما نفس الإرادة، فيقول: [ الآب والكلمة لهما نفس الإرادة والعمل المشترك، كما هو واضح في كل ما كتب عنه موسى، لأن موسى كتب لنا كيف أن الله الآب قال للكلمة ـ أي الابن الذي قد وُلِد منه والكائن معه ـ «لنخلق الإنسان على صورتنا كشبهنا» (تك1: 26)، لأن تعبير «لنخلق» لا يدل على أن المتكلم واحد، بل أكثر من واحد وأكثر من اثنين [ (القديس كيرلس عمود الدين، حوار حول الثالوث، الجزء الثالث (الحوار الرابع)، ترجمه عن اليونانية د. جوزيف موريس فلتس، راجعه د. نصحي عبد الشهيد، المركز الأرثوذكسي للدراسات الآبائية 2008، ص31).
[9] انظر غريغوريوس النيصي، المرجع السابق، ص7، كذلك ذهبي الفم، المرجع السابق، ص101.
[10] انظر غريغوريوس النيصي PG44.136 وعلينا أن نلاحظ أن التفسير الكتابي «على صورة» أو «بحسب صورة» لا ينادي بأي شكل بشري لله، بمعنى أن «بحسب صورة الله» أو «على صورة الله» لا يعني وجود مادي لله، لأن الإلوهية غير مادية وغير جسدية. انظر ذهبي الفم، عظة عن الميلاد ΒΕΠΕΣ42,102..
[11] انظر غريغوريوس اللاهوتي، عظة عن البصخة، PG36.632A.
[12] تجسد الكلمة للقديس أثناسيوس الرسولي، ترجمة عن اليونانية وتعليقات د. جوزيف موريس، مراجعة الدكتور نصحي عبد الشهيد، الفصل الحادي عشر ص28.
[13] الانجماع الكلي هو بحسب القديس إيرينيوس الذي هو أول من شرح واستخدم هذا المصطلح من رسالة أفسس، هو انجماع الخليقة مع الخالق نفسه في المسيح الذي يحقق في نفسه ملء الوجود الكلي للخالق والخليقة معًا: «فإن المسيح كما قلنا قد وحَّد الإنسان مع الله ... فقد كان لائقًا أن الوسيط بين الله والناس بحق قرابته الخاصة مع كل منهما يُعيد الألفة والتوافق بينهما ويقدم الإنسان إلى الله، ويظهر الله للإنسان ... فأنه من أجل ذلك قد جاء مجتازًا في جميع الأعمار لكي يعيد الجميع الشركة مع الله» {ضد الهراطقات 18:3: 7}.
[14] بول افدوكيموف، المرأة، أثينا 1982، ص332 (الترجمة اليونانية).
[15] فلاديمير لوسكي، المرجع السابق، ص131.
[16] كلمة شخص باليونانية تعني πρόσωπο وهي تتكون من كلمتين πρός أي تجاه وكلمة όψις أي وجه أي الشخص هو مَنْ يتطلع ليرى وينظر وجه آخر غيره، أي يصنع علاقة وشركة مع آخر غيره.
[17] فلاديمير لوسكي، المرجع السابق، ص140.
[18]إفدوكيموف، المرأة، ص378ـ379.
[19] إفدوكيموف، المرأة، ص376.
[20] Κ.Μουρατίδου, Η ουσία και το πολίτευμα τῆς Εκκλησίας, κατά τήν διδασκαλίαν Ιωἁννου του χρυστστόμου, Αθήναι 1968, σελ.71
[21] انظر القديس يوحنا ذهبي الفم، عظة 10 على سفر التكوين ΒΕΠΕΣ42,36 وكذلك انظر القديس غريغوريوس اللاهوتي ΒΕΠΕΣ60,56 .
[22] انظر القديس كليمنضس الإسكندري، PG8, 1272A .
[23] انظر القديس كليمنضس الإسكندري، ΒΕΠΕΣ7, 85 .