تجسد الكلمة - 5

الفصل الحادى عشر - الثانى عشر - الثالث عشر 
الفصل الحادى عشر 
مقدمة 
سبب آخر للتجسد: أن الله إذ عرف أن الإنسان بطبيعته لم يكن في مقدوره معرفته، وهبه معرفته لكى يستطيع أن يجد فائدة من وجوده في الحياة. لقد خلقه على صورة الكلمة حتى يستطيع بذلك أن يعرف الكلمة وبه يعرف الآب. أما هو فإذ احتقر هذه المعرفة هوى إلى العبادة الوثنية تاركًا الله غير المنظور واتبع السحر والشعوذة، وذلك كله رغمًا عن إعلانات الله المتعددة عن نفسه. 
1ـ عندما خلق الله ضابط الكل [1] الجنس البشري، بواسطة كلمته الذاتى، لأنه يعرف جيدًا ضعف طبيعة البشر[2] وعجزها عن أن تعرف الخالق من نفسها ، ولا تستطيع أن تكوّن أية فكرة عن الله على الإطلاق، وذلك بسبب أنه "غير المخلوق" [3]، أما الكائنات فهى مخلوقة من العدم [4].
 وبينما هو روح لا جسد له فإن البشر قد خُلِقوا في جسد أرضي من أسفل. وبصفة عامة فهناك عجز كبير في قدرة المخلوقات على أن تُدرك وتَعرِف خالقها [5] ولهذا فإن الله بسبب صلاحه، تحنن على الجنس البشرى ولم يتركهم بعيدًا عن معرفته لئلا يكون وجودهم فى الحياة بلا أية منفعة. 
لأنه أيّة منفعة للمخلوقات لو أنها لم تعرف خالقها؟
أو كيف يمكن أن تكون (مخلوقات) عاقلة لو لم تعرف كلمة (LÒgon) الآب، الذى به خلقوا؟ لأنهم لن يتميزوا بالمرة عن المخلوقات غير العاقلة (الحيوانات) لو أنهم انحصروا فقط فى معرفة الأمور الأرضية. ولماذا خلقهم الله طالما أنه لم يكن يريد لهم أن يعرفوه؟ [6]
3ـ ولكى لا يحدث هذا، ولأنه صالح فى ذاته، فقد جعل لهم نصيبًا فى صورته الذاتى (الذى هو) ربنا يسوع المسيح، وخلقهم على صورته ومثاله حتى أنه ـ بسبب تلك النعمة ـ فإنهم عندما يرون تلك الصورة أى كلمة الآب، يمكنهم عن طريقه أن يصلوا إلى معرفة الآب، وإذ يعرفون خالقهم [7] فإنهم يحيون حياة حقيقية سعيدة مغبوطة. 
4 ـ غير أن البشر ـ رغم كل هذا ـ بسبب تمردهم، لم يكترثوا بتلك النعمة المعطاة لهم، وهكذا رفضوا الله كلية وأصبحت نفوسهم مظلمة [8]حتى أنهم لم ينسوا فكرتهم عن الله فقط، بل وأيضًا اخترعوا لأنفسهم اختراعات كثيرة واحدًا تلو آخر.
لأنهم لم يكتفوا بأن يصنعوا لأنفسهم أوثانًا بدلاً عن عبادة الحق، فاكرموا الكائنات المخلوقة من العدم [9] دون الله الحى " وعبدوا المخلوق دون الخالق" [10].
 بل والأسوأ من الكل أنهم حوّلوا الكرامة التى تحق لله إلى الأخشاب والأحجار [11]، وإلى كل الأشياء المادية، وإلى البشر، بل ذهبوا إلى أبعد من هذا كله كما ذكرنا سابقًا [12]
5 ـ بل بلغ بهم الجحود إلى أنهم عبدوا الشياطين مُنادين بها كآلهة مُشبعين بذلك شهواتهم. ذلك لأنهم قدموا محرقات من الحيوانات غير العاقلة وذبائح من البشر كما ذكرنا سابقًا [13]، متممين بذلك فرائض تلك العبادات، منحدرين بأكثر سرعة وراء نزعاتهم الجنونية. 
6 ـ ولهذا أيضًا تعلّموا أعمال السحر وأضلّت العِرافة البشر [14] في أماكن عديدة، وصار جميع الناس ينسبون سبب ميلادهم ووجودهم إلى النجوم والأجرام السماوية [15]، إذ لم يفكروا في أى شيء آخر إلاّ فيما كانوا ينظرونه بعيونهم [16]
7 ـ وعلى وجه العموم، صار كل شئ مشبّعًا (بروح) الكفر والعصيان [17] وأصبح الله وحده وكلمته غير معروفين للبشر، رغم أن الله لم يُخفِ نفسه عن البشر، وهو لم يُعلن نفسه بطريقة واحدة فقط، بل أعطاهم معرفته بأشكال متعددة وطُرق كثيرة [18]
الفصل الثانى عشر 
مقدمة 
ومع أن الإنسان خُلِقَ على صورة الله، إلاّ أن الله إذ سبق فعلم ميله إلى النسيان أعد أعمال الخليقة لتذكّره بشخصه. والأكثر من ذلك أنه أعد الناموس والأنبياء الذين قصد أن تكون خدمتهم لكل العالم. ولكن البشر لم يلتفتوا إلاّ لشهواتهم. 
1 ـ إن نعمة مماثلة الصورة الإلهية كانت كافية في حد ذاتها لكي تجعلنا نعرف الله الكلمة، ونعرف الآب بواسطته. غير أن الله إذ كان يعرف ضعف البشر، وضع في اعتباره أيضًا إهمالهم لمعرفة الله حتى اذا لم يهتّموا أن يعرفوا الله من تلقاء أنفسهم [19] استطاعوا بواسطة المخلوقات أن يتجنبوا الجهل بخالقها [20]
2 ـ ولأن إهمال البشر انحدر قليلاً قليلاً نحو السُفليات فقد أعدّ الله مرة أخرى علاجًا لضعفهم هذا، فأرسل لهم ناموسًا وأنبياءً معروفين لديهم، حتى أنهم إذا لم يرفعوا عيونهم إلى السماء ليعرفوا الخالق استطاعوا أن يتعلّموا (عن الله) ممّن يعيشون بينهم، وذلك لأن البشر يستطيعون أن يتعلموا من البشر أمثالهم عن الأمور العليا بطريقة مباشرة [21]
3 ـ وهكذا كان متاحًا لهم إذا رفعوا عيونهم إلى عظمة السماء وأدركوا تناسق الخليقة أن يعرفوا مدبرها كلمة الآب، الذي بتدبيره لكل الأشياء يعرِّف الآب للجميع، وهو الذى يحرِّك كل الأشياء لهذه الغاية عينها حتى يستطيع الجميع أن يعرفوا الله بواسطته [22]
4 ـ أو لو صعب عليهم هذا لكان في مقدورهم على الأقل أن يلتقوا بالرجال القديسين [23]، وبواسطتهم أن يعرفوا الله خالق الكل، أبا المسيح، وأن عبادة الأوثان هي كفر بالله ومملوءة بكل جحود وفساد [24]
5 ـ أو كان متيسرًا لهم بمعرفتهم للناموس أن يكّفوا عن كل تعدٍ [25]. وأن يعيشوا حياة الفضيلة لأن الناموس لم يكن فقط لليهود، ولا أُرسِل الأنبياء إلى اليهود فقط. ولكن، وإن كانوا قد أُرسِلوا لليهود ومن اليهود اضطهدوا إلاّ أنهم كانوا معلّمين مقدسين للمسكونة كلها، يُعلّمون عن معرفة الله وعن سلوك النفس [26]
6 ـ وبالرغم من عِظمْ صلاح الله ومحبته للبشر [27] فإن البشر إذ انغلبوا من شهواتهم الزائلة ومن الضلالات والغوايات التى أرسلتها الشياطين [28] فإنهم لم يقبلوا الحق بل ثقّلوا أنفسهم بالشرور والخطايا إلى الحد الذي يجعلهم لا يظهرون بعد كخلائق عاقلة، بل من طريقة تصرفاتهم يُحسبون مجردين من العقل. 
الفصل الثالث عشر 
مقدمة
وهنا أيضًا: أكان ممكنًا لله أن يسكت، وأن يترك للآلهة الكاذبة أن تكون هى المعبودة بدلاً من الله؟ إن الملك إذا عصته الرعية يذهب إليهم بنفسه بعد أن يرسل إليهم الرسائل. فكم بالأحرى يعيد إلينا الله نعمة مماثلة صورته. هذا مالم يستطع البشر أن يتمموه لأنهم ليسوا هم صورة الله. لهذا كان لزامًا أن يأتى الكلمة نفسه ليجدّد الخلقة وليبيد الموت في الجسد. 
1ـ وإذ صار البشر هكذا كالحيوانات غير العاقلة، وسادت غواية الشيطان فى كل مكان حتى حُجِبت معرفة الإله الحقيقي [29]،
 فما الذى كان على الله أن يفعله؟ أيصمت أمام هذا الضلال العظيم ويَدَع البشر يضلون بتأثير الشيطان ولا يعرفون الله؟ [30]
2ـ وما هي الفائدة من خلق الإنسان أصلاً على صورة الله؟ كان من الأفضل له لو أنه خُلق مثل مخلوق غير عاقل من أن يُخلق عاقلاً ثم يعيش كالحيوانات غير العاقلة [31]
3ـ أوهل كانت هناك ضرورة على الإطلاق أن يُعطَى فكرة عن الله منذ البداية؟ لأنه إن كان حتى الآن هو غير جدير أن ينالها، فكان الأولى ألاّ تُعطى له من البداية [32]
4ـ وما الفائدة التى تعود على الله الذي خلقهم وكيف يتمجّد إن كان البشر الذين خلقهم لا يعبدونه بل يظنون أن آلهة أخرى هي التي خلقتهم؟ [33] لأنه بهذا يظهر أن الله قد خَلَقَهم (أي خَلَقَ البشر) لا لنفسه بل للآخرين. 
5ـ ومرة أخرى نقول: أي ملك [34]، وهو مجرد إنسان بشري، إذا امتلك لنفسه بلادًا يترك مواطنيه لآخرين يستعبدونهم [35]؟
وهو لا يدعهم يلتجئون لغيره، لكنه ينذرهم برسائله ثم يُرسل إليهم أصدقاءه [36] مرارًا، وإن اقتضى الأمر يذهب اليهم بشخصه [37]، لكى يوبخهم بحضوره [38]، كآخر وسيلة يلجأ إليها. وكل ذلك لكى لا يصيروا خدامًا لغيره فيذهب عمله هباءً [39]
أفلا يشفق الله بالأولى على خليقته [40] كى لا تضل عنه وتعبد الأشياء التي لا وجود لها [41]، وبالأكثر عندما يظهر أن هذه الضلالة هي سبب هلاكهم وخرابهم؟ [42] وليس لائقًا أن يهلك هؤلاء الذين قد كانوا مرّة شركاء في صورة الله. 
7ـ إذن فما هو الذى كان ممكنًا أن يفعله الله؟ [43] وماذا كان يمكن أن يتم سوى تجديد الخليقة التي وُجدت على صورة الله، مرّة أخرى، ولكي يستطيع البشر أن يعرفوه مرّة أخرى؟ ولكن كيف كان ممكنًا لهذا الأمر أن يحدث إلاّ بحضور نفس صورة الله ـ مخلّصنا يسوع المسيح؟
 كان ذلك الأمر مستحيلاً أن يتم بواسطة البشر [44] لأنهم هم أيضًا خُلِقوا على مثال تلك الصورة [45].(وليس هم الصورة نفسها)، ولا أيضًا بواسطة الملائكة لأنهم ليسوا صورًا [46] (لله) ولهذا أتى كلمة الله بذاته [47] لكي يستطيع ـ وهو صورة الآب ـ أن يجدّد خلقة الإنسان، على مثال الصورة. 
8 ـ وإضافة إلى ذلك فهذا [48] لم يكن ممكنًا أن يتم أيضًا دون أن يُباد الموت والفساد. 
9ـ ولهذا فقد كان من اللائق أن يأخذ جسدًا [49] قابلاً للموت حتى يمكن أن يُبيد فيه الموت ويجدّد خلقة البشر الذي خلقوا على صورته. إذن فلم يكن كفؤًا لسد هذه الحاجة سوى صورة الآب [50]



ترجمة عن الاصل اليونانى – المقدمات - التعليقات
للاستاذ الدكتور / جوزيف موريس فلتس 
دكتوراة فى العلوم اللاهوتية وباحث
بالمركز الارثوذوكسة للدراسات الابائية 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1] انظر ضد الوثنيين. فصل 29/ 2 . 
[2] انظر فصل 3/3ـ4 حيث يذكر أن ضعف طبيعة البشر تتمثل في عدم إمكانيتها أن تحيا حياة أبدية من نفسها وهنا يشير إلى ضعف آخر وهو عجزها عن أن تعرف الخالق من نفسها. 
[3] انظر المقالة الأولى ضد الآريوسيين. فصل 30 حيث يشرح القديس أثناسيوس معنى مصطلح "غير المخلوق" بالتفصيل وأيضًا الفصل 28 من كتاب الدفاع عن قانون إيمان مجمع نيقية. 
[4] انظر فصل 2، المقالة الأولى ضد الآريوسيين. فقرة 21. 
[5] صلاح الله وتحننه على الجنس البشرى ظهر في خلقتهم لكى يحيوا إلى الأبد (فصل3)، وهنا في فصل11 يظهر هذا الصلاح في إعطاء الجنس البشرى نعمة معرفته والتي بدونها كانت حياة البشر ستصبح بدون معنى، والإنسان نفسه كان سيصبح مثل باقى المخلوقات غير العاقلة. عن الفرق بين الإنسان العاقل وباقى المخلوقات انظر ضد الوثنيين فصل 31. 
[6] يتكرّر هذا السؤال نفسه في فصل 13/ 2 . 
[7] أمران رئيسيان يوضحهما القديس أثناسيوس في المقالتين "ضد الوثنيين" و" تَجَسُّد الكلمة"، وهما النصرة على الموت والفساد والعودة إلى معرفة الله الحقيقى. انظر " تَجَسُّد الكلمة " الفصول 15، 20، 32، 54 وضد الوثنيين الفصل الثانى. انظر أيضًا (يو3:17). 
[8] يعود القديس أثناسيوس لشرح هذا الأمر في الفصل 57 . 
[9] انظر فصل 4/ 5. 
[10] انظر رومية 25:1، ضد الوثنيين فصل 47 حيث يستخدم أيضًا نفس الآية. 
[11] انظر ضد الوثنيين الفصول 13ـ15. 
[12] انظر ضد الوثنيين 8، 9 حيث يشير إلى العبادات الوثنية، وفي فصل 26 يتحدّث عن الممارسات الجنسية الشاذة التى كانت سائدة بينهم. 
[13] ضد الوثنيين. الفصول 22ـ25 . 
[14] هذه الأعمال هى أعمال الشياطين. انظر فصل 46ـ47.
[15] انظر ضد الوثنيين. الفصول 9، 27. 
[16] انظر ضد الوثنيين. فصل 8، وتَجَسُّد الكلمة فصل 15. 
[17] انظر ضد الوثنيين فصل 25. 
[18] انظر ضد الوثنيين. فصل 35. 
[19] تعبير "من تلقاء أنفسهم" يُقصد به أن البشر كانوا قادرين على معرفة الله من تلقاء أنفسهم، بسبب كونهم مخلوقين على صورة الله ومثاله، غير أنهم أهملوا هذا. انظر ضد الوثنيين. فصل 34/ 3.
[20] انظر ضد الوثنيين. فصول 2، 4. 
[21] انظر فصول 15، 34. 
[22] انظر ضد الوثنيين فصل 35. 
[23] القداسة هى أمر أساسى لمعرفة الأسرار الإلهية، القديس هو بالحرى معلّم عن الحق الإلهى.. هنا يقصد القديس أثناسيوس القديسيين الذين كتبوا أسفار العهد القديم. ويشير القديس أثناسيوس إلى التمثل بحياة القديسيين في الفصل 57. 
[24] انظر ضد الوثنيين. فصول 11، 14 ، 45. 
[25] انظر ضد الوثنيين. فصل 4/ 2. 
[26] يوضح القديس أثناسيوس ثلاث طرق أعدها الله للإنسان لتساعده على معرفة الله. هذه المعرفة تحققت في صورتها الأكمل بتجسد كلمة الله. أما هذه الطرق فهى: خلقة الإنسان على صورة الله ومثاله، تناغم وتناسق الكون ثم أخيرًا الناموس والأنبياء. هذا التعليم نجده أيضًا عند القديس ايريناوس.
 انظر ضد الهرطقات 2/ 8. 
[27] صلاح الله ومحبته للبشر هما الدافع لتجسده. انظر فصول 1، 8، 9. 
[28] عن غوايات وضلال الشياطين انظر فصل 47. 
[29] يوضح القديس أثناسيوس نتيجة أخرى للسقوط وهى أن معرفة الإله الحقيقى قد حُجِبت، وسبق أن بيّن النتيجة المباشرة للسقوط وذلك في فصل6/ 1 ، حيث ذكر إنه " لأجل هذا إذ ساد الموت أكثر وعمّ الفساد على البشر". 
[30] هذا السؤال يماثل السؤال الذي ورد في فصل 6/ 7  " فما الذي كان يجب على الله الصالح أن يفعله؟ أيترك الفساد يسيطر على البشر والموت ليسود عليهم؟ ". 
[31] ويوجد تقابل مع باقى السؤال الوارد فى فصل6/ 7 "ما المنفعة إذن من خلقهم منذ البدء؟ لأنه كان أفضل بالحرى ألاّ يُخلقوا بالمرة من أن يُخلقوا وبعد ذلك يُهملون ويفنون". والملاحظ أن الحديث في فصل 6 هو عن صنعة الله التي كانت في طريقها للهلاك إذ قد طالها الفساد، ولهذا كان من الأفضل ألاّ تُخلق بدلاً من أن تُخلق وبعد ذلك تُهمل وتُفنى، أما في فصل 13 فإن الحديث هو عن أنه نتيجة للسقوط فإن معرفة الله حُجِبت عن الإنسان المخلوق والموجود بالفعل، ولهذا فالاشارة هنا ليست إلى أنه كان من الأفضل في هذه الحالة عدم خلق الإنسان بالمرة بل إلى خلقه لكن كمخلوق غير عاقل (أى لا يعرف الله). 
[32] انظر فصل 11/ 2. 
[33] في فصل 6/ 7ـ8 يذكر القديس أثناسيوس أن الله لو أهمل ولم يبال بهلاك صنعته لأظهر هذا الاهمال ضعفه وليس صلاحه. وهنا في هذا الفصل يوضح أن الله لو كان قد ترك البشر الذين خلقهم بدون أن يعرفوه لظنوا أن آلهة أخرى هى التي خلقتهم. وكلا الأمرين لا يحقق الهدف من خلق البشر. وفي فصل 11/ 2 يتساءل القديس أثناسيوس : لأنه أية منفعة للمخلوقات إن لم تعرف خالقها؟ 
[34] التشبيه المأخوذ من حياة الملك وقدرته والمذكور في فصل10 والذي يوضح به القديس أثناسيوس كيف أنه بالتجسد قد أُبطل الموت والفساد، هذا التشبيه يستخدم مرة أخرى هنا في فصل 13 لكي يوضح كيف أنه بالتجسد صارت معرفة الإله الحقيقى ممكنة لنا. 
[35] هنا يشير إلى ضلالات الشياطين التي حجبت معرفة الإله الحقيقى. 
[36] الرسائل والأصدقاء يرمزان هنا بالطبع إلى الناموس والأنبياء. وفي الفصل12/ 2 الأنبياء هم أُناس معروفون بين البشر ويستطيع الآخرون أن يتعلّموا منهم عن الإله الحقيقى. 
[37] وفي مجال المقابلة بين ما جاء في الفصلين10، 13 نجد أنه بينما يشير القديس أثناسيوس في فصل10 إلى أن الملك "ينتقم" لعمله فيقضى على الموت كعدو، نجده هنا في فصل 13 يوضح بالأكثر ضرورة القضاء على "عدم معرفة" الله الحقيقى وذلك بحضور "شخص" الملك نفسه. 
[38] انظر ما جاء في مت33:21ـ41 عن صاحب الكرم والكراميين. 
[39] انظر فصل 8/ 2 "فيتلاشى عمل الله". فى موضع آخر يستخدم القديس أثناسيوس تشبيهًا ثانيًا من الحياة العملية كى يوضح حتمية التجسد وضرورة أن يتم تجديد الخليقة بواسطة كلمة الله الذى خُلق العالم به منذ البدء فيقول: "... ولأن الله صالح وهو صالح على الدوام وهو يعرف طبيعتنا الضعيفة التى تحتاج إلى معونته وخلاصه لذا فقط خطط هذا. وذلك مثلما لو كان مهندسًا حكيمًا يريد أن يبنى منزلاً فإنه يخطط فى نفس الوقت كيفية تجديده مرة أخرى لو دُمر يومًا ما بعد أن يتم بناؤه، وهو يعد لهذا من قبل عندما يخطط ويعطى القائم على العمل الاستعدادات اللازمة للتجديد. وهكذا يكون استعدادًا مسبقًا للتجديد قبل بناء المنزل... وبنفس الطريقة فإن تجديد خلاصنا قد تأسس فى المسيح قبلنا لكى يمكن إعادة خلقتنا من جديد فيه. فالإرادة والتخطيط قد أُعدا منذ الأزل أما العمل فقد تحقق عندما استدعت الحاجة وجاء المخلّص إلى العالم" المقالة الثانية ضد الآريوسيين، فصل22 فقرة77. 
[40] استخدم القديس أثناسيوس عدّة مرّات ـ منها ما جاء في فصل 10/ 1 ـ تشبيهات من أعمال الملك الأرضى ليبيّن بها أعمال الله الخلاصية، وأوضح أن أعمال الكلمة المتجسد هى بالحرى أعظم جدًا من أعمال الملك البشرى. وهنا أيضًا في فصل 13/ 6 يشدّد مرة أخرى على هذه النقطة موضحًا أنه بينما لم يترك الملك الأرضى الأمور هكذا بل انتقم من اللصوص (10/ 1) نجد هنا أن الله أشفق على خليقته. وتعبير أن الله يشفق هو تعبير كتابى " الذي لم يشفق على ابنه " رو 33:8. واشفاق الله على خليقته اتضح جليًا في أنه لم يشفق على ابنه الوحيد بل بذله من أجل الكل. 
[41] الله هو الكائن الحقيقى. انظر فصل 4/ 5، وكل آلهة أخرى هى كاذبة. انظر فصل 11، فصل 15 
[42] هنا يربط القديس أثناسيوس بين ضلالات الشياطين كسبب والموت كنتيجة. ومن مقارنة فصلى 10، 13 نلاحظ التشديد على أمرين هما القضاء على الموت، واستعادة معرفة الله الحقيقية. ورغم أنه قد يكون هناك تمييز بين الأمرين إلاّ أنهما لا ينفصلان. فعندما تنحجب معرفة الله فهذا يعنى حجب نعمة الخلق على صورة الله ومثاله وهذا يؤثر بالطبع على وجود الإنسان في حالة عدم فساد. 
[43] كرّر القديس أثناسيوس هذا السؤال نفسه في الفصل7/ 2 والإجابة التي يعطيها هناك توضح أن ما فعله الكلمة بتجسده هو القضاء على الموت. وهنا يجيب على السؤال نفسه والأسئلة التي تليه، موضحًا أن ما فعله الكلمة المتجسد هو أنه جعل البشر يعرفون الله الحقيقى. وأيضًا في فصل 7/ 4 يذكر أن البشر الذين خُلقوا من العدم أمكنهم بالتجسد استعادة نعمة الخلق على صورة الله ومثاله، أما هنا في فصل 13 فيذكر أنه بعد التجسد أمكن تجديد هذه الصورة. وفي الحالة الأولى يتكلم عن القضاء على الموت الذي تم بالكلمة الخالق، وفي الحالة الثانية يتكلم عن تجديد الصورة في الإنسان الكائن بالفعل، وهذا حدث بواسطة الكلمة الذي هو صورة الآب. 
[44] يرى القديس أثناسيوس أن الإنسان المخلوق لا يمكن أن يعين المخلوق نظيره. انظر المقالة الثانية ضد الآريوسيين. فقرة 67. 
[45] حسب تعاليم القديس أثناسيوس يوجد فرق بين التعبيرين "صورة الله" و "على (مثال) صورة الله". ففي فكره أنه لايمكن بأى حال من الأحوال اعتبار الإنسان "صورة الله". فالابن "كلمة الله" فقط هو "صورة الله". وحيث إنه مولود من جوهر الآب فهو الصورة الطبيعية والحقيقية الوحيدة للآب
[46] الملائكة ليسوا صورة الله وهم ليسوا خالقين بل مخلوقات. وبهذا التعليم يرد القديس أثناسيوس على تعاليم الغنوسيين. انظر المقالة الثانية ضد الآريوسيين. فقرة 21. 
[47] انظر فصل 40/ 6 حيث يستشهد القديس أثناسيوس بالنص الكتابى " لا رسول ولا ملاك بل الرب نفسه خلّصهم " إش 8:63 س. ( سبعينية )
[48] يقصد تجديد خلقة الإنسان. 
[49] القول إنه كان من اللائق بكلمة الله أن يأخذ جسدًا بدون ذكر أى شئ عن النفس البشرية ليس معناه أن المسيح اتخذ جسدًا خاليًا من النفس البشرية. فالقديس أثناسيوس يتكلّم هنا عن ضرورة تغيير حالة الجسد بالقضاء على الموت الذي فيه ولهذا اتخذ الكلمة جسدًا. والنفس أيضًا لابد أن تتحرّر من الخطية وهذا تم أيضًا بواسطة الكلمة إذ هو صورة الله. انظر فصل 15 حيث يوضح القديس أثناسيوس أن المسيح بظهوره في الجسد قد حرّر النفس البشرية من نتائج الخطية. 
[50] انظر القديس أثناسيوس، المقالة الثانية ضد الآريوسيين فصل 34.