" وأعطيتهم روحك الصالح لتعليمهم ، ولم تمنع مَنَّك عن أفواههم ، وأعطيتهم ماء لعطشهم. " ( نح 9 : 20 )
الروح الصالح أولاً ، ثم المن ، ثم الماء .
هكذا يعضد الله الإنسان فى مسيرة غربته على الأرض . وهكذا ينبه المسيح قلبنا أن نطلب كل يوم مشيئة الله ومعرفته قبل خبز الكفاف !!
لأنه إن كانت روحنا هزيلة فينا ، فمن العبث أن نشدد الجسد , وإن كان الصلاح يعوزنا ، فباطل هو الأكل وباطل يكون الشبع .
أما مجد الإنسان ففى معرفة الله وصلاح روحه ، لا فى قوة جسده أو وفرة طعامه وشرابه . فإذا أمتلأ الإنسان من معرفة الله وروحه الصالح ، فوجهه سيلمع ، ولو من كسرة خبز !
هكذا شهد كل عبيد نبوخذناصر للفتى دانيال ، الذى صلى وصام عن أطايب الملك ، فتحولت صلاته إلى فهم وحكمة ، وتحول صومه إلى نضارة وقوة .
صلاة...
فيا روح الله الصالح ، يا من ملأت قلب دانيال فهماً وحكمة ، وسندت جسده فى الجوع ، ومسحته بالقوة؛
أعطنى أن لا أرتبك من أجل خبز الجسد وأعوازه ، بل أولاً أطلب ملكوت الله وبره .
هبنى أن أهيم بقوة صلاحك ، فلا أيأس من عوز خبزى أو ضعف جسدى ، لأن قوتك تشدد ضعفى ، بل وستقيمنى يوماً ما من الموت . أما جسدى فكعشب الأرض يذبل ، ونضارة جسدى كزهر العشب الذى تلفحه الشمس ، فيسقط ولا يقوم .
يا روح الله الصالح ، يا من لم تمنع المن عن إسرائيل الجائع المتذمر ، ثم غرمته ثمن شهوته مضاعفاً ؛
أتوسل إليك أن تعلمنى ، بصلاحك ، أنه لا فائدة من شبعى وملئى وأزديادى ، طالما لم يشبع قلبى منك ، وتمتلئ روحى من حبك وصلاحك .
علمنى ، علمنى ، علمنى ، أن مغانم الدنيا كلها بدونك خسارة فى خسارة .
الاب / متى المسكين +
راهب من الكنيسة القبطية
والاب الروحى لدير القديس انبا مقار ببرية شهيت
عن كتاب : الرؤية الالهية للاعياد الكنسية