ورأينا مجدَهُ .

رأينا مجده
لقد قال الإنجيلي يوحنا: " ورأينا مجده مثل مجد ابنٍ وحيدٍ لأبيه"، وحيث سبق أن قال إننا صرنا أولاد الله، وإنَّ هذا لم يَصِر بطريقةٍ أخرى إلاَّ ـ فقط ـ بتجسُّد الكلمة، فإنه أخذ يذكر لنا فائدةً أخرى أخذناها من تجسُّد الكلمة، فما هي هذه الفائدة؟ 
رأينا مجده مثل مجد ابنٍ وحيدٍ لأبيه”: 
فلو لم يظهر بجسده الذي اتحد به، لكان من المستحيل رؤيته
وإذا كان اليهود لم يقدروا أن يروا فقط وجه موسى الممجَّد، للدرجة التي احتاج البار فيها أن يغطي وجهه ببرقعٍ حتى يتمكن من تغطية ذلك المجد الفائق، وهو الأمر الذي جعل وجه النبي هادئًا ومألوفًا ووديعًا، نقول إذا كان الأمر على هذا النحو بالنسبة لموسى، رغم أنه كان من نفس طبيعتنا، فكيف يمكن لنا ـ نحن المجبولون من التراب والأرضيون ـ أن نحتمل رؤية الإلوهية عارية، تلك التي لا يستطيع أحدٌ ـ حتى القوات السماوية ـ الاقتراب منها؟ 
لذلك حَلَّ وسكن داخلنا لكي نستطيع أن نقترب إليه بحريةٍ، ونتحاور معه ونصير فى أُلفة معه. 
لكن ماذا يعنى قوله: " مثل مجد ابنٍ وحيدٍ لأبيه"؟ 
لقد تمجَّد كثيرٌ من الأنبياء، وعلى سبيل المثال: موسى (خر34: 29ـ35)، وإيليا النبي (2مل2: 11)، وأليشع النبي، وداود النبي والثلاث فتية، وآخرون كثيرون غيرهم صنعوا معجزات. وكذلك الملائكة الذين ظهروا وكشفوا للبشر نور طبيعتهم البراق، وليس الملائكةُ فقط، بل والسيرافيم أيضًا ظهروا بمجدٍ عظيم.
 فلكي يبعدنا الإنجيلي عن هؤلاء، ولكي ينأى بتفكيرنا بعيدًا عن لمعان الخليقة المشتركة معنا في العبودية، فإنه يضعنا مباشرةً في قمة الصالحات. وكأن الإنجيلي يقول إن ما نراه ليس هو مجدَ نبيٍ، ولا ملاكٍ، ولا رئيس ملائكةٍ، ولا مجد قوات عظيمةٍ، ولا طبيعةٍ مخلوقةٍ أخرى ـ إذا كانت توجد أخرى ـ لكنه مجد الرب نفسه، الملك نفسه، الابن الوحيد الحقيقي نفسه، ربنا نفسه. 
أمَّا استخدام أداة الربط "مثل" أو "كـ"، فهي لا تعني أنه يشبه ابنًا وحيدًا لأبيه، بل على العكس، التأكيد على أنه ابنٌ وحيدٌ؛ لأنهم قالوا: رأينا مجدًا عظيمًا، وهو وصفٌ طبيعيٌ باعتبار أن هذا المجد هو مجدُ وحيدِ الجنس، وابن الله الحقيقي الذي هو ملك الكل
وتعبير "مثل"، أو "كـ" هو تعبيرٌ معتادٌ عند الكثيرين. ولأنني حريصٌ على حمايتكم بكافة الطرق، لا أتردد مطلقًا في أن استند إلى ما هو معتادٌ عند الكثيرين، رغم أنني لا أريد أن أتحدث إليكم بكلماتٍ منمقةٍ، أو مسجوعةٍ، لأن كل ما أريده هو فائدتكم، لذا لا أجدُ غضاضةً في استخدام الأساليب المعتادة عند الآخرين في حديثي إليكم، فما هي عادة هؤلاء الكثيرين؟ 
يحدثُ كثيرًا عندما يرى أُناسٌ منكم ملكًا بهيًا مرتديًا لباسه الملوكي المُزَيّن، والمُرَصْع بالأحجار الثمينة من كل جانب، أن يقصُّوا ما رأوه للآخرين، فيحكون لهم عن بهاء الملك، وجمال لباسه وزينته، ويبدءون يستعرضون كل ما يمكن أن يصفوه، فعلى سبيل المثال:
 يصفون لون الرداء الخارجي، كمية الأحجار الثمينة، نظافة الأحصنة، وسروجها المطعمة بالذهب، ومن ثمَّ يلخِّصون كل ما يقولونه في عبارة "مثل ملك"، وكلمة "مثل" هنا لا يقصدون بها أنه يشبه الملك، بل يعنون الملك الحقيقي نفسه. 
وهكذا، فاستخدام كلمة "مثل"، يراد بها إعلان مجده وعظمته التي لا مثيل لها؛ لأن الآخرين: الملائكة ورؤساء الملائكة والأنبياء، مُجِّدوا لأنهم صنعوا كل ما أُمروا به، أمَّا المسيحُ فقد فعل كل شيءٍ كمَن له سلطان يتفق مع كونه ملكًا وربًا. وهذا ما أثار عجب الجموع عندما كان يعلِّمهم؛ لأنه كان يعلِّمهم كمَن له سلطان. 
المسيح رب وسيد على الكل
فظهور الملائكة إذن ـ كما سبق أن قلت ـ بمجدٍ على الأرض في زمن دانيال وموسى ـ على سبيل المثال ـ كان بأمر سيدهم كعبيدٍ وخدم، بينما صنع المسيح كل شيءٍ بكونه ربًا سيدًا على الكل، بالرغم من ظهوره للبشر في شكلٍ متواضعٍ، إذ أخذ شكل العبد؛ وذلك حتى تعرف الخليقة خالقها. ولكن كيف حدث ذلك؟ 
لقد أظهر نجمًا في السماء يدعو المجوس للسجود له، وانتشر حشدٌ من الملائكة في كل مكان يسبِّحون الرب، بينما طار حشدٌ آخر يبشِّر الرعاة الذين كانوا يقيمون في المدينة. أيضًا غبريال الملاك بشَّر أليصابات، وحنة وسمعان اللذين كانا في الهيكل. وليس فقط الرجال والنساء أخذوا يقفزون فرحًا، لكن الجنين الذي لم يكن قد نزل بعدُ إلى النور، ساكن البرية، الذي سُمي باسم يوحنا، ارتكض وهو في بطن أمه، 
والجميع كانوا في غاية الفرح والسعادة بسبب اشتياقهم إلى كل ما كانوا يتطلعون إليه من جرَّاء هذا الحدث. 
الآب يشهد له
هذه الأمور التي أتينا على ذكرها كانت على علاقة مباشرة بميلاد المسيح. لكن عندما أظهر نفسه علانيةً صارت أيضًا معجزاتٍ أخـرى أعظـم. فالـذي 
شهد له ليس نجمًا في السماء، ولا الملائكة، ولا رؤساء الملائكة، ولا غبريال، ولا ميخائيل، بل الآبُ نفسه من السماء ومعه الروح القدس وصوتٌ آتٍ من السماء. 
ملك السموات جاء وصنع معجزات
لأجل ذلك ـ حقًا ـ قالوا: " رأينا مجده مثل مجد ابنٍ وحيدٍ لأبيه". وليس لأجل ذلك فقط، لكن بسبب كل الأمور التي صارت فيما بعد. لأن البشارة المفرحة لم تُنقل فقط إلى رعاةٍ، أو أرامل، أو شيوخ، لكن ما أتاه المسيحُ كان ينطقُ بشدةٍ كما من بوق، " فذاع خبره في جميع سورية" (مت4: 24)
الكل في كل مكان صرخ قائلاً إن ملك السموات جاء. حتى الشياطين هربت في كل الأحوال وتقهقرت. هكذا تراجع إبليس، والموت الذي كانت بصماته ـ منذ البدء ـ منطبعةً في كل مكان، اختفى تمامًا، وكل نوعٍ من المرض شُفي،  وتحررت قبور الأموات، كما حُرِرَ الممسوسين من رباطات الأرواح الشريرة، ونال المرضى الشفاء من أمراضهم، 
والمرءُ رأى أمورًا عجيبةً وغريبةً اشتهى الأنبياء أن يروها. 
فقد شاهد الناس عيونًا تخُلَق، فيما كانوا يتوقون لمعرفة ورؤية كيف خلق الله آدم من التراب. وهذا هو ما فعله المسيح في برهة خاطفة من الزمن، حين خلق جزءًا ضروريًا وهامًا للجسد أى العين. لقد رأت الجموع أيضًا مشلولين وبعض مقطوعي الأعضاء تدب فيهم الحياة: أيدٍ يابسةٍ تتحرك، أرجل مشلولةٍ تقفز، آذانٍ صمَّاء تُفتح، وألسنةٍ تصرخ بأعلى صوتها، بعد ما كانت مقيدةً بالصمت. لقد كان مثل مهندسٍ ممتازٍ، أخذ طبيعة البشر ـ التي كانت تشبه مسكنًا آيلاً للسقوط ـ فأكمل أعضاءها المقطوعة وعالج كسورها. 
شفاء النفوس وقيادتها للسماء
وما الذي يمكن للمرء أن يقوله عن النفس التي هي أكثر عجبًا وغرابةً من الجسد؟
 فصحة النفس أمرٌ أهم من صحة الجسد؛ لأن طبيعة الأجساد تبقى على حالها كما أراد لها الخالق، في حين أن النفس يمكنها أن تسيطر على ذاتها، ويمكنها أيضًا أن ترفض ما يريده الله لها، وبالتالي فهي تتحمل المسئولية عن أعمالها. ولأن الله لا يرغب أن تفعل شيئًا دون أن تريده، فهو لا يُكرِهُها على أن تكون فاضلةً وصالحةً؛ لأن ما تأتيه من صلاحٍ ـ في هذه الحالة ـ لا يُعتبر صلاحًا ولا فضيلةً. فهكذا ينبغي أن ترغب النفس فى ممارسة الفضيلة حرةً مختارةً، ومن هنا، فشفاء النفوس أصعب من شفاء الأجساد. 
وكما جعل الأجساد المريضة تتعافى وتشفى شفاءً ساميًا، هكذا لم يكتفِ بتحرير النفوس من الأهواء الشريرة، بل قادها إلى سماء السموات: هكذا صار العشَّارُ رسولاً. ومَن كان يضطَهد ويشتم صار كارزًا للمسكونة. والمجوس صاروا معلمين لليهود. واللص صار من سكان الفردوس. والزانية قَبِلها لأجل إيمانها. والسامرية والمرأة الكنعانية الأولى كرزت لأهل مدينتها بالمسيح، فخرجوا من المدينة وأتوا إليه، أمَّا الأخرى،  فبإيمانها وإصرارها جعلت المسيح يطرد الروح النجس من ابنتها. 
وآخرون في حالة أسوأ من حالات السابقين، صاروا ضمن صفوف التلاميذ. المتألمين جسديًا ومرضى النفوس تعافوا معًا، واتجهوا ناحية الفضيلة بثبات. هذا التحوُّل لم يقتصر فقط على اثنين أو ثلاثة، ولا خمسة ولا عشرة، ولا حتى لمائة من البشر، لكن مدنًا بكاملها وأممًا تحوَّلت بسهولة. 
المسيح مشرِّع الناموس الأفضل
وما الذي يمكن للمرء أن يقوله عن حكمة وصايا المسيح وكمال النواميس السماوية والأخلاق والسلوك الملائكي؟ إن مثل هذه الحياة أُظهرت لنا، وهذه النواميس وُضِعت لأجلنا، وهذا النوع من السلوك عُيِّن لنا، حتى إذا ما سلكنا فيه نصير مثل الملائكة، ومتشبِّهين بالله، حتى لو كنا أسوأُ مَنْ في البشر. 
إذن، عندما جمَّع يوحنا الإنجيلي كم هذه المعجزات التي صنعها المسيح للأجساد والنفوس، وعناصر الطبيعة، وكذلك تعاليمه ووصاياه، وعطاياه السماوية الفائقة الوصف، وكذلك السلوك الأخلاقي الذي نادى به، وحجته وفصاحته، ووعوده بالخيرات العتيدة، وكذلك أيضًا آلامه، طفر يصرخ قائلاً: " رأينا مجده مثل مجد ابنٍ وحيدٍ لأبيه مملوءًا نعمة وحقًا". 
رأينا مجده في آلامه
وهكذا، نحن لا نمجده بسبب معجزاته فقط، ولكن بسبب آلامه أيضًا، إذ سُمِّر على الصليب، وجُلِدَ وطُعِنَ وبُصِقَ في وجهِهِ، وارتضى أن يُلطم على خديه من الذين أحسنَ إليهم. وبالرغم من أن هذه الأمور تعتبر جديرةٌ باللوم، 
إلاَّ أننا سوف نستخدم ذات الكلمة التي قالها الإنجيلي: "رأينا مجده"؛ لأن كل ما صار للمسيح لم يكن فقط مجردُ إعلان لمحبته وعنايته بنا فقط، بل أيضًا إعلانٌ لقوته التي لا تُوصَف إذ أن: 
الموتُ انحلَ،واللعنةُ زالت، والشياطين فُضِحَت وأُهينت وشُهِّر بها جهارًا في موكب نصرة المسيح لمَّا سَمَّر صك خطايانا على الصليب.
رأينا مجده في قيامته
لقد تمّمَ كل هذا، وإن كان بعضُ ما تمّمَهُ لم يتم علانيةً، لكن ما حدث قد برّهن أنه حقًا كان ابنًا وحيدًا لله، وربًا لكل الخليقة:
 فبينما كان جسده الطوباوي مازال معلقًا على الصليب، أخفت الشمس شعاعها، والأرض ماجت والظلمة غطتها، والقبور تفتحت والأرض تشققت، وقام حشدٌ كبير من الأموات وجاءوا إلى المدينة المقدسة
وبينما كانت أحجارُ قبره ما تزال في مكانها والأختام عليها، قام المائت الذي صُلِب وسُمِّر، وملأ تلاميذه بقوة عظيمة، ومن ثمَّ أرسلهم إلى الناس في كل المسكونة ليصيروا أطباء للطبيعة البشـرية.
لقد قاموا ليُلقوا بذار معرفة الحقائق السماوية في كل بقعةٍ من الأرض، وأبطلوا طغيان الشياطين، وصنعوا الخيرات العظيمة الغير الموصوفة، وبشَّرونا بخلود النفس والحياة الأبدية للجسد، وبمكافآت تفوق العقل لا نهاية لها. 
هذه الأمور، وأكثر منها كانت في ذهن الإنجيلي يوحنا. لقد عرفها، ولكن لم يستطع أن يكتبها كلها لأن العالم كله لا يمكنه أن يتسع لها " لأن أشياء أخر كثيرة صنعها يسوع إن كُتبت واحدة واحدة فلست أظن أن العالم نفسه يسع الكتب المكتوبة" (يو21: 25). وبينما كان يتأمَّل كل هذا صرخ مناديًا: " رأينا مجده مثل مجد ابنٍ وحيدٍ لأبيه مملوءًا نعمةً وحقًا". 
نرى مجده عندما نحيا في المسيح
وبالتالي، فأولئك الجديرون أن يروا مثل هذه المشاهد، ويسمعوا مثل هذه العظات، ويستمتعوا بالعطية العظمى، ينبغي عليهم أن يعيشوا حياتهم على قياس قيمة هذه الحقائق، لكي يستمتعوا هناك بالخيرات السماوية، فقد أراد ربنا يسوع المسيح أن نرى مجده، ليس فقط هنا، بل ومجده الأبدي أيضًا هناك حين قال: " أيها الآب أريد أن هؤلاء الذين أعطيتني يكونون معي حيث أكون أنا لينظروا مجدي الذي أعطيتني" (يو17: 24).
المجد الفائق هناك
وإذا كان مجده ـ هنا على الأرض ـ ظاهرًا ولامعًا جدًا، فما الذي يمكن أن يقوله المرء عن ذاك المجد الذي سيظهر من السماء؛ فهو لن يظهر على هذه الأرض الفانية، ولا نحن سنكون في أجسادٍ فانية، لكن ظهوره سيكون في الخليقة غير الفاسدة وغير الدنسة، وفي بهاءٍ عظيم لدرجة لا يمكن للمرء معها أن يعبَّر عنها بالأقوال. 
يا من كنتم جديرون سابقًا أن تشاهدوا ذلك المجد! أنتم الذين يقول النبي عنكم: " يُرحم المنافق ولا يتعلم العدل. في أرض الاستقامة يصنع شرًا ولا يرى مجد الرب" (إش26: 10). 
تيقظوا
أحث كل واحدٍ منكم ألاَّ يكون نصيبه الهلاك، وألاَّ يكون مصيره عدم رؤية هذا المجد؛ لأنه إن كنا لن نستمتع به، فأحرى بنا أن يقال لنا: خيرٌ لنا لو لم نولد. لأنني أتساءل عندئذ: لماذا نعيش؟ لماذا نتنفس؟ ما هو سبب وجودنا في هذه الحياة أن كنا لن نرَ ذلك المجد الإلهي؟ 
إن كان الذين يُحرمون من رؤية نور الشمس يتكبدون في حياتهم متاعب كثيرة، فما بالك بما يعانيه الذين يحرمون من رؤية النور الإلهي؟ 
إن عدم رؤية الشمس يسبب الضرر هنا على الأرض فقط، أمَّا هناك فالضرر لا يتوقف عند هذا الحد.
 إن العقاب لن يكون واحدًا، بل يكون هناك أكثر سوءًا بقدر سمو تلك الشمس الإلهية عن هذه الأرضية. فمَنْ لا يرى النور الإلهي يُقاد إلى الظلمة، ويُحرقٌ حرقًا أبديًا، ولسوف تنتابه حالةً من الرعب، فيُصِرُّ على أسنانه، ويعانى أشد معاناة. 
ليتنا لا نتغافل عن ذواتنا تاركينها تسقط في الجحيم الأزلي بهذا التراخي والتنعم المستمر.
دعونا نتيقظ، دعونا نُسكِّن قلوبنا. ليتنا نجاهد بكافة الطرق لكي نتمتع بالمجد الإلهي ونبقى بعيدًا عن بحيرة النار الموجودة حول المنبر الرهيب. فالذي يسقط فيها مرةً، سيبقى هناك للأبد، ولن يُستثنى أحدٌ من الجحيم، لا الأب، ولا الأم، ولا الأخ، وهذه الأمور قد سبق أن نادى بها الأنبياء، فقد قال أحدهم:" الأخ لن يفدي الإنسان فداءًا، ولا يعطي الله كفارةً عنه" (مز 49: 7).
وحزقيال النبي يقول ما هو أفظع: " وكان فيها هؤلاء الرجال الثلاثة نوح ودانيال وأيوب، فإنهم يخلصون أنفسهم ببرهم يقول السيد الرب، فحيٌ أنا يقول السيد الرب إنهم لا يخلصون بنين ولا بنات. هم وحدهم يخلصون والأرض تصير خربة" (حز14:14، 16). 
توجد هناك ضمانة واحدة، هي صنع مشيئة الله. ومن ليس له هذه الضمانة، ليس له أمكانية الخلاص بأية طريقة أخرى. 
فلنتعقل إذن ونضع في أذهاننا مثل هذه الأمور. وليتنا نطهِّر حياتنا ونجعلها بهيةً حتى نمتلك الدالة التي بها نرى الرب ونتمتع بالخيرات التي وعدنا بها بنعمة ومحبة ربنا يسوع المسيح، الذي به وله نعطي المجد مع الآب والروح القدس، الآن وكل أوان وإلى دهر الدهور آمين. 

القديس يوحنا ذهبى الفم 
 العظة الثانية عشر على إنجيل يوحنا.
ترجمة الدكتور جورج عوض 
دكتوراة فى العلوم اللاهوتية 
باحث بالمركز الارثوذوكسى للدرسات الابائية