تفسير المعجزات في إنجيل يوحنا - 6

عند آباء الكنيسة ومعلّميها 
6-  معجزة شفاء المولود أعمى 
ملاحظات إفتتاحية: 
مقدمة: 
ذكر الإنجيل معجزة شفاء المولود أعمى منذ ولادته مباشرةً بعد المناقشة التي حدثت بين يسوع واليهود في الهيكل (انظر يو20:8)، وذلك بعد أن قال يسوع عن نفسه إنه " نور العالم" ووجَّه الدعوة للناس بأن يتبعونه لكي يحصلوا على " نور الحياة" (انظر يو12:8). 



وحدث نفس الشيء، في بداية سرد معجزة شفاء المولود أعمى إذ قال المسيح إنه " نور العالم" (انظر يو5:9). وبعد ذلك منحَّ النور المادي (يو7:9) والنور الروحي (يو38:9) للمولود أعمى مُظهِرًا بهذا العمل أصله الإلهي وعطيته العظيمة. وتوجد مواضيع أخرى واردة في الإصحاحين الثامن والتاسع، نذكر منها: 
(أ)غياب الفهم التام من جانب الفريسيين لحقيقة شخص الرب يسوع (انظر يو13:8، 19)، وانتقاد الفريسيين للرب يسوع (انظر يو3:8ـ18). 
(ب) إدانة خطية اليهود التي تمثلت في غياب الإيمان بشخص الرب يسوع، وفي عماهم تجاه أصله الإلهي (يو21:8، 24، 34، 39، 47، 49، 54ـ55). 
(ج) شروع اليهود في رجم يسوع (يو59:8) وهو يمثل الحلقة التي تربط بين إصحاح8، وإصحاح9، بينما من الجانب اللاهوتي يمثل هذا الحدث ليس فقط برهانًا على حجم شراسة اليهود وعماهم، بل يشير أيضًا مقدمًا إلى الآلام العتيدة. 
(د) الاختلاف الذي أظهره المسيح بين عمى المولود أعمى وعمَّى اليهود والذي أظهر فيه مدى منطقهم الناموسي القاسي، وذلك في الإصحاح التاسع. هذا أيضًا يُشير إلى آلامه والتي هي بمثابة النتيجة النهائية التي وصل إليها هذا الإختلاف، وكذلك يشير إلى عمل الله الخلاصي من أجل العالم الضال. 

عدم إيمان اليهود بشخص الرب الذي عُبر عنه الإنجيل بواسطة شروعهم في القبض عليه ورجمه أيضًا في الإصحاح العاشر من إنجيل يوحنا، الذي يأتي بعد معجزة شفاء المولود أعمى (انظر يو31:10، 39). يسوع في هذا الإصحاح هو " الراعي الصالح" (يو11:10، 14) وهو " الباب" (يو7:10، 9) الذي بواسطته يدخل البشر لينالوا الحياة والخلاص كما أنه يتقابل في هذا الإعلان مع رد اليهود الرافض للإيمان بشخصه. 

إذن من الواضح أن هذه المعجزة (شفاء المولود أعمى منذ ولادته) موضوعة في سياق إعلان يسوع لليهود الذين إجتمعوا في عيد المظال (انظر يو2:7) وتجديد الهيكل (انظر يو22:10) في مدينة أورشليم، أي في قلب العبادة والديانة اليهودية، وكذلك يتضمن هذا السياق، إصرار اليهود الرافض للإيمان بشخص المسيح، الأمر الذي قادهم إلى ردود أفعال عنيفة. هكذا المعجزة والسياق المصاحب لها يتجهان نحو آلام الرب التي هي بمثابة إعلان عن محبة الله تجاه الإنسان. هذه الآلام هي علامة مجد الرب يسوع أي مجد ألوهيته وكذلك علامة على عطيته البشر، كما إنها تشير إلى موقف غير المؤمنين الرافض لشخصه. ونرى هاتين العلامتين في معجزة شفاء المولود أعمى. 


تقسيم نص المعجزة كالآتي: 

1ـ مقدمة ـ حوار الرب يسوع مع التلاميذ عن المولود أعمى (يو59:8ـ 5:9). 

2ـ الشفاء المعجزي (يو6:9ـ7). 

3ـ حوار الجيران مع الذي كان أعمى (يو8:9ـ12). 

4ـ الحوار الأول للفريسيين مع الذي كان أعمى (يو13:9ـ17)

5ـ حوار الفريسيين مع أبوي المولود أعمى (يو18:9ـ23)

6ـ الحوار الثاني للفريسيين مع الذي كان مولود أعمى (يو24:9ـ34)

7ـ حوار المسيح مع الذي كان مولود أعمى (يو35:9ـ38)

8ـ خاتمة ـ حوار المسيح مع الفريسيين (يو39:9ـ41)


مقدمة ـ حوار يسوع مع التلاميذ عن الأعمى (يو59:8، 5:9) 

في يو59:8: نرى يسوع يخرج من الهيكل حيث شرّع اليهود أن يرجموه متهمين إياه أنه جدّف (انظر يو58:8ـ59). ومقابلة يسوع مع المولود أعمى كانت بالقرب من المنطقة التي بها الهيكل، وهذا يبدو من الآتي: 
1ـ الحديث عن بِركة سلوام الموجودة في نفس المنطقة. 
2ـ الأعمى كان يستعطى (انظر يو8:9) في الغالب بالقرب من الهيكل. 
قول الإنجيل إن هذا الإنسان أعمى "منذ ولادته" تدل على أن المعجزة التي سوف يجريها يسوع ليست معجزة عادية بل يجب أن نراها على أساس فكر العهد القديم عن الارتباط الجوهري بين حياة الإنسان ومقدرته على أن يرى (انظر مز14:56، أيوب16:3، 5:18، 28:33، 30).
والمولود الأعمى يمثل الإنسان الخاطئ الذي ينتمي إلى العالم الهالك، هذا الإنسان الخاطئ هو بعيد عن الله مصدر الحياة، وبالتالي هو ميت روحيًا. هكذا إعادة البصر للمولود أعمى ليست مجرد شفاء له شخصيًا بل هى مثال لعطية المسيح الخلاصيةوالمحيية لكل العالم.
 وعظمة هذه المعجزة تبدو من قول الإنجيل: " منذ الدهر لم يُسمع أن أحدًا فتّح عيني مولودٍ أعمى " (يو32:9)، إلاّ أننا نرى إشعياء يتنبأ عن المسيا الذي سوف يأتي ويصنع معجزات عظيمة منها معجزة شفاء العُمي: " حينئذٍ تتفتح عيون العمى وآذان الصُم تتفتح " (إش5:35). 
سؤال التلاميذ في عدد2 " يا معلّم مَنْ أخطأ. هذا أم أبواه حتى وُلِد أعمى؟ "، هذا السؤال يشير إلى وجود فكر يهودي يعتقد بأن أى مرض إنما هو ناتج عن خطية إرتكبها المريض نفسه أو والديه وأن هذا يرجع إلى عدل الله . وإنجيل يوحنا يعالج هذا الفكر التقليدي عن المرض على أساس أن الخطية هى حالة ابتعاد جذري عن الله، وأثرت بذلك على كل البشر بنتائجها الوخيمة عليهم، ومن ضمن هذه النتائج الأمراض. إلاّ أن حالة الخطية (السقوط) قد بَطُلت بواسطة "الابن الوحيد الذي هو في حضن الآب " (يو18:1)، الذي بواسطة تجسده وخدمته على الأرض وبواسطة قيامته وصعوده، أعلن الله الآب للعالم وأظهر النور الذي يُضيء في الظلمة (انظر يو5:1)، والنور هو الحياة للمؤمنين. بالتالي سؤال التلاميذ عن تحديد مسئولية حدوث العمى لإنسان معين وُلِد أعمى منذ ولادته هو سؤال خاطئ، وليست له أهمية من جهة تحديد سبب عمى الإنسان، بل الأهم هو تخطي هذا السبب بواسطة فعل المسيح المعجزي. 
في عدد3: يتخطى الرب يسوع الفكر اليهودي التقليدي عن المرض وارتباطه بخطية معينة، قائلاً: "لكي تظهر أعمال الله فيه". وهذا يعني بحسب شرح القديس كيرلس عمود الدين:
 [ إن الرجل لم يولد أعمى بسبب خطاياه الشخصية أو بسبب خطايا والديه، ولكن حيث إنه قد حدث أنه وُلِد أعمى، فمن الممكن أن يتمجد الله فيه. لأنه حينما يتحرر ويُشفى من المرض المزعج الذي حلّ به. بقوة من فوق.فمَنْ الذي لا يُعجب بذلك الطبيب الذي شفاه؟ ومَن هو الذي لا يعترف بسلطان الشفاء الذي أظهره المسيح؟ ][1].
وأيضًا القديس يوحنا ذهبي الفم يشرح عبارة " لكي تظهر أعمال الله فيه " ضاربًا لنا مثالاً توضيحيًا رائعًا: 
[ فهو مثل بنّاء ماهر، يبني جزءًا من البيت، أما الجزء الآخر فقد تركه ناقصًا، حتى عندما يكمل البناء أمام أعينهم، يتأكدون من إتقاه لفن البناء، ويعرفون أنه هو الذي بنى البيت، وبذلك يقدم دليلاً ضد هؤلاء الذين لا يؤمنون بكل عمله. فهكذا ـ مثل مسكن على وشك السقوط ـ يُرمم الله جسدنا ويكمله: يشفي اليد اليابسة، يعطي حياة للأعضاء المشلولة، يشفي العُرج ويُطهّر البُرص، يشفي المرضى، يجعل المشلولين أصحاء، يعيد الحياة للأموات، يفتح عيون العميان، يمنح عيونًا لمن هم بلا عيون، لقد قوّم كل هذه العيوب، وشفى الأمراض التي أصابت الطبيعة البشرية، وبذلك أظهر قوته ][2]
هكذا تعبير " لكي تظهر أعمال الله فيه " تعلن: 
1ـ التطابق التام بين عمل يسوع وعمل الله. 
2ـ ليس فقط شفاء الأعين الجسدية بل الأعين الروحية، وأن الإيمان بشخص المسيح يقود إلى الحياة الأبدية. 
والجدير بالملاحظة هنا أن عبارة " لكي تظهر أعمال الله فيه " ـ كما يقول ذهبي الفم ـ ليست بمثابة "تبرير يفسّر حالة المولود أعمى، بقدر ما يُعبّر عن النتيجة "[3]. فالعمى الذي أصاب هذا الإنسان منذ ولادته، وكذلك موت لعازر في الاصحاح الحادي عشر نراهما كنتيجة لحالة الخطية والموت الموجودين في العالم كله والمسيح يسود تمامًا على قوة الخطية والموت ويمنح الحياة الجسدية والروحية للمؤمنين مُظهرًا في نفس الوقت مجده الإلهي (انظر يو11:2، 4:11). على الجانب الآخر، ما قاله المسيح هنا " لكي تظهر أعمال الله فيه " لا يتناقض مع قوله في (يو14:5): ها أنت قد برئت. فلا تخطئ أيضًا لئلا يكون لك أشر "، لأن هذا القول الأخير يعبر عن المبدأ التعليمي الأساسي بأن نتيجة الخطية هى الموت والدينونة الأبدية. 

الشفاء المعجزي (يو6:9ـ7) 

عدد6: " قال هذا وتفل على الأرض وصنع من التفل طينًا وطلى عينيّ الأعمى " بعدما أعلن يسوع عن حقيقته بأنه نور العالم ومهَّد للمعجزة التي سوف يتممها، تفل على الأرض وصنع طينًا ومسح به عيني الأعمى كما هو وارد في عدد 6. الإنجيلي يوحنا يبرز دائمًا ألوهية يسوع وعطيته المحيية. يسوع كخالق وديان للعالم هو أعظم من الأنبياء وأى إدعاء للألوهية في الفلسفة اليونانية. إن الأفعال: "تفل" و "صنع" و "طلى أو مسح" تعلن عن مبادرة المسيح في صنع المعجزة وكذلك عن أنه تمم المعجزة بدون توسل مسبق من جانب الأعمى. فالأعمى هنا هو مجرد قابل لعطية تتجاوز كل طموحاته وآماله (راجع يو32:9). والقديس كيرلس عمود الدين يرى أن هذه المعجزة هى مثال لدعوة الأمم إلى الإيمان ويبرهن على ذلك بأن يسوع قرر أن يشفي هذا الرجل دون توسل من أحد، فهى إذًا معجزة رمزية: [ فهذه المعجزة ترينا بالرمز أن جموع الأمم لم تقدم أى توسل (إلى الله) لأنهم كانوا جميعًا في الضلال. ولذلك، فإن الله إذ هو صالح بطبيعته فقد أتى بإرادته الذاتية لكي يهبهم رحمته][4].
إذًا ـ بحسب القديس كيرلس ـ كما أن المولود أعمى الذي شُفى لم يكن يعرف يسوع، إلاّ أنه قد حصل على منفعة وفائدة لم يكن يتوقعها بواسطة يسوع المخلّص، هكذا أيضًا عمل المسيح مع الأمم. 
إستخدام يسوع للطين لكي يفتح عينيّ الأعمى له علاقة بخلق الإنسان الوارد في تك7:2. فالقديس ذهبي الفم يقول: " (المسيح) هنا مثل بنّاء ماهر، بنى جزءًا من البيت، أما الجزء الآخر فقد تركه ناقصًا، حتى عندما يكمل البناء أمام أعينهم، يتأكدون من إتقانه لفن البناء ويعرفون أنه هو الذي بنى البيت، وبذلك يقدم دليلاً ضد هؤلاء الذين لا يؤمنون بكل عمله " ويستمر ذهبي الفم في شرحه ضاربًا مثلاً رائعًا يزيد الأمر وضوحًا، إذ يقول: "
 هكذا ـ مثل مسكن على وشك السقوط ـ يُرمم الله جسدنا ويكمله: يشفي اليد اليابسة، يعطي حياة للأعضاء المشلولة، يشفي العُرج، يطهر البُرص، يشفي المرضى، يجعل المشلولين أصحاء، يعيد الحياة للأموات، يفتح عيون العميان، يمنح عيونًا لمن هم بلا عيون، لقد قوّم كل هذه العيوب، وشفى الأمراض التي أصابت الطبيعة البشرية، وبذلك أظهر قوته "[5]
يبرهن أيضًا استخدام الطين على الإستخدام الإيجابي للمادة كوسيلة إحياء للإنسان، وهذا ضد ما كان يعتقده الغنوسيون في أن المادة شر. وصُنع الطين أيضًا يمثل مخالفة لراحة السبت فهى من ضمن التسعة والثلاثون عملاً الممنوعين في هذا اليوم. كذلك كونه يأمر الذي كان أعمى بأن يحمل سريره هو مخالفة لراحة السبت. يسوع هنا لا يخضع لأوامر الناموس الموسوى إذ هو المشرع الأعظم والخالق " ينبغي أن أعمل أعمال الذي أرسلني مادام نهار " (يو4:9). ويطرح القديس كيرلس سؤالاً في غاية من الأهمية، إذ يقول: لماذا يصنع من التفل طينًا ويطلي عينيّ الأعمى؟ ويجيب القديس كيرلس مؤكدًا على أن يسوع هو الخالق الذي خلقنا في البدء، قائلاً: [ فهو بواسطة طلائه بالطين يكمل ما كان ناقصًا وعاطلاً في طبيعة العين، وبذلك يبين أنه هو بذاته خالق ومصدر الكون الذي شكّلنا في البدء ][6]
اغتسال الأعمى من بركة سلوام كما أمره المسيح يذكرنا بشفاء نعمان السرياني من البرص على يد إليشع النبي (انظر 2مل1:5ـ19). وبينما احتاج نعمان أن يستحم سبعة مرات في نهر الأردن لكي يتطهر، نرى أن الأعمى كان يحتاج فقط لغسله واحدة. على الجانب الآخر، شفاء البرص كان عمل إحياء مثل تفتيح الأعين، لكن في المعجزة الأولى كان إليشع النبي مجرد أداة في يد الله، وقد عبَّر نعمان بعد شفاءه عن الإيمان بالله (انظر 2مل15:5ـ18)، أما المعجزة الثانية فقد أتمها يسوع بكونه الله الذي آمن به المولود أعمى وسجد له (انظر يو35:9ـ38).
الجدير بالملاحظة، المقارنة بين رد فعل نعمان والمولود أعمى في البداية. لقد تردد نعمان ولم يمتثل في البداية لإليشع حين قال له أن يستحم في نهر الأردن بينما نجد المولود أعمى يطيع المسيح ويذهب إلى بركة سلوان. ويوضّح لنا ذهبي الفم هذا الأمر قائلاً: [ انتبه أيضًا لرأي الأعمى الذي أطاع في كل شئ، فهو لم يقل: إذا كان التراب أو التفل هو ما يمنح قوة البصر كاملة لعيني، فما حاجتي إذًا لبركة سلوام؟ أو إن كنت أحتاج لبركة سلوام، ما هى حاجتي للطين؟ لأي سبب مسح عينيّ؟ لماذا أمرني لأغتسل؟ إن شيئًا من هذا لم يفكر فيه، ولكن كان متأهبًا لأمر واحد: أن يطيع كل ما أمره به المسيح][7]
لقد شدّد القديس كيرلس على رمزية بركة سلوام مثال للمعمودية، إذ يقول: [ وكصورة للمعمودية المقدسة فقد أمر الرجل أن يُسرع ويغتسل في سلوام، وهو اسم، شعر الإنجيلي بسبب حكمته وبالوحي الإلهي. أنه من الضروري أن يعطي تفسيره. فإننا نعرف من هذا التفسير أن "المُرسل" ليس هو آخر سوى الله الابن الوحيد مفتقدًا إيانا ومُرسلاً من فوق، أى من الآب، لكي يحطم الخطية وضراوة الشيطان ]

الجيران والإنسان الذي كان قبلاً أعمى (يو8:9ـ12): 

"فالجيران الذين كانوا يرونه قبلاً أنه كان أعمى قالوا، أليس هذا هو الذي كان يجلس ويستعطي. آخرون قالوا هذا هو. وآخرون إنه يشبهه. وأما هو فقال إني أنا هو" (يو8:9ـ9)
لقد كان الجيران في حيرة ودهشة، البعض منهم دُهشوا حينما رأوه ولم يصدقوا أنه هو الأعمى الذي كان يستعطي على مفارق الطرق. والبعض الآخر قالوا إنه هو نفس الرجل. فالجيران هنا رغم حيرتهم هم شهود لهذه المعجزة. وبالرغم من أن هذا العمل المعجزي لا يُصدَّق، إلا أنه يشهد لمَنْ عمله بأنه أعظم صانع للمعجزات[8].
ويشرح القديس يوحنا ذهبي الفم هذه الحيرة مشددًا على شهادة الرجل الذي شُفيَّ، إذ قال: "وبالرغم من أن مَنْ شُفي لم يكن غريبًا، بل كان مِن هؤلاء الذين يجلسون بالقرب من أبواب الهيكل، فقد أظهر الكل شكوكًا فيه. فماذا يقول هو عن نفسه؟ "أنا هو"، فهو لم يشعر بخجل لعماه السابق، ولا خاف غضب الشعب، ولا تجنب أن يظهر ذاته ليكرز لمِنْ أقامه"[9]
والجدير بالملاحظة هنا، أن حيرة الجيران بشأن هوية الأعمى تعلن عمى اليهود الروحي، عمى البشر الذين لم يتمكنوا مِن إدراك معجزات الله العجيبة وتفسيرها. إلا أن الحيرة سوف تُزال فقط عندما يمنح الرب يسوع ـ الذي هو نور العالم ـ البصر للذين لا يرون (راجع يو39:9) معطيًا إياهم إمكانية أن يدركوا أن عطية الحياة الأبدية حاضرة وتنبع من شخصه هو. 
في عدد10: "فقالوا له كيف إنفتحت عيناك"، هنا نرى الجيران يسألونه عن كيفية إنفتاح عينيه وليس عن مَنْ الذي فتَّح عينيك. أما الذي شُفي فقد ركز على الذي شفاه، قائلاً: " إنسان يُقال له يسوع صنع طينًا وطلى عيني وقال لي إذهب إلى بركة سلوام وأغتسل فمضيت وأغتسلت فأبصرت" (يو11:9). ويعلق القديس يوحنا ذهبي الفم على إجابة الإنسان الذي شُفي، قائلاً:
"واضح إذن أنه لم يكن يعرف شيئًا عنه (عن المسيح) منذ البداية:" إنسان يقال له يسوع صنع طينًا وطلى عينيَّ". إنتبه إلى أنه يقول الحق. فهو لم يخبر عن يقينية المعجزة (لأن ما لا يعرفه لا يمكن أن يقوله)، لأنه لم يراه حينما تفل على الأرض، وطلىَّ بالطين عينيه. لقد أدرك ذلك بالإحساس واللمس، وقال لي "إذهب إلى بركة سلواموإغتسل"، والسمع يؤكد هذا. ومن أين عرف صوته؟ من مناقشة تلاميذه. وبينما يقول كل هذا أخذ تأكيدًا بواسطة الأعمال، لكن لم يستطع أن يصف الطريقة التي حدث بها ذلك.
لأن الإيمان لا يحتاج إلى المحسوسات والأمور الملموسة، ولكنه يعتمد بالأكثر على يقينية الأمور غير المنظورة"[10].
أما القديس كيرلس الأسكندري فيبرز قول الأعمى الذي شُفي عن يسوع أنه مجرد إنسان، قائلاً: "يبدو أنه كان لا يزال يجهل أن المخلص هو إله بالطبيعة، وإلا لما كان قد تكلم عنه هكذا بأقل مما يحق له. ومن المحتمل أنه كان يفكر فيه (في المخلص) ويحترمه كواحد من القديسين، وربما كوَّن هذا الرأي من الإشاعات غير المؤكدة التي تسري بخصوصه في كل أورشليم، وكانت تتردد في الأحاديث العامة في كل مكان"[11]
في عدد12:9: " فقالوا له أين ذاك. قال لا أعلم". لقد سأله اليهود: "أين ذاك؟" في غيظٍ وحدة ـ كما يؤكد ذهبي الفم ـ ويشرح أيضًا القديس كيرلس دوافع هؤلاء الذين سألوه، قائلاً:
"إنهم لا يسألون عن يسوع بدافع المحبة لله، ولم يكونوا مدفوعين إلى السؤال عن مكانه وعن مَنْ هم الذين كان (يسوع) يتحدث معهم، لكي يذهبوا إليه وينالوا منفعة من أعماله، بل إذ كانوا عميانًا في أذهانهم بما عو أكثر مما أصاب عيني جسد الأعمى، فإنهم إشتعلوا بغضبٍ غير مبرر بالمرة وثاروا مثل وحوش غير مروضة، معتقدين أن مخلصنا قد كسر إحدى وصايا الناموس، وهي تلك التي تمنع أي عمل يوم السبت"[12]. ويُرجع القديس كيرلس موقفهم هذا لسببين هما: 
1ـ لقد كانوا يؤدون واجبًا بالدفاع عن الناموس (بحسب زعمهم). 
2ـ افترضوا أن الله قاسي جدًا وغير شفوق بخصوص السبت، وأنه كان غاضبًا جدًا حينما رأى إنسانًا يُشفى، ذلك الإنسان الذي خُلِقَ على صورته ومثاله، والذي من أجله جُعِلَ السبت[13]
هكذا نرى أن القديس كيرلس يسخر من هؤلاء الذين تصرفوا مع الرجل الذي شُفي بتهور وخُبث وحللَّ دوافعهم العدائية. 
إجابة الرجل الذي كان أعمى: "لا أعلم" تدل على المسافة العميقة التي بينه وبين يسوع. لكننا سوف نجد تطورًا لحالة الرجل الذي شُفي والتي إعتبر فيها أن المسيح مجرد إنسان عادي، وذلك عندما يعلن له المسيح بنفسه عن ذاته. 

حوار الفريسيين مع والدي الإنسان الذي كان أعمى (يو18:9ـ23): 

يو18:9: " فلم يصدق اليهود عنه إنه كان أعمى فأبصر حتى دعوا أبوي الذي أبصر". هذا العدد يعبر عن مدى خيبة أمل رؤساء اليهود من جهة حقيقة الإنسان الذي كان أعمى، خصوصًا حين انتشرت شهادته الإيجابية بأن يسوع نبي ولكي يتحققوا من صِدق المعجزة ويمنعوا أي تأثير يمكن أن يحدث نتيجة للمعجزة، وكذلك لكي يجدوا ردًا على تساؤل الناس في عدد (يو16:9) " كيف يقدر إنسان خاطئ أن يعمل مثل هذه الآيات"، فقد دعوا أبويه ليحققوا معهما.
والقديس كيرلس الإسكندري يُرجع عدم تصديق اليهود إلى حسدهم الشديد، قائلاً:
 "إن حسدهم الشديد في داخلهم ضد "الشافي" لم يسمح لهم أن يؤمنوا بالأمر الذي إعترف به الكل، وبتأثير نوبة جنون فإنهم بالطبع لا يعطون إهتمامًا كبيرًا لإكتشاف الحق، ويتكلمون كذبًا ضد المسيح"[14].
كان هدف اليهود هو التغطية على المعجزة ومحاصرتها، لذا يقول القديس ذهبي الفم: " لعلك تلاحظ كم من طريقة يريدون بها أن يغطوا على المعجزة ويحاصرونها، لكن الحقيقة ـ وهذه طبيعتها ـ تصير أكثر قوة وبهاء بواسطة ما يحاك ضدها من دسائس"[15]
عدد19: " فسألوهما قائلين: أهذا إبنكما الذي تقولان إنه وُلِدَ أعمى. فكيف يبصر الآن؟". يستخدم اليهود ـ هنا ـ سياقًا قانونيًا:
 أهذا إبنكما الذي تزعمان أنه وُلِدَ أعمى، ثم يستمرون في التحقيق: فكيف يبصر الآن؟ واضح جدًا مدى إحباطهم وميولهم العدائية تجاه الأعمى وأبويه، وهذا ظاهر من قولهم: " الذي تقولان إنه وُلِدَ أعمى"، وكذلك من سؤالهم: " كيف يبصر الآن؟". هكذا يمارسون ضغوطًا على الأبوين لكي يكذبوا شهادة إبنهم والآخرين عن المعجزة.
والقديس كيرلس يعتبر موقف اليهود هنا هو بمثابة إهانة للناموس، قائلاً: " إنهم يسألون أبوي الرجل سؤالاً لا لزوم له بالمرة، إنهم يهينون الناموس نفسه الذي يوقرونه ويغالون جدًا في تمسكهم به. لأن الجيران ـ كما هو مكتوب " أتوا بالذي كان قبلاً أعمى"، ووضعوه وجهًا لوجه مع أولئك الذين كانوا يسألون هذه الأسئلة، وقالوا لهم بوضوح تام إنه كان قد وُلِدَ أعمى، وشهدوا له الآن أنه قد نال البصر. وبينما يقول الناموس بكل وضوح أنه " على فم شاهدين أو ثلاثة تقوم كل كلمة" (تث15:19س). إنهم نحوَّا جانبًا ليس شهادة اثنين أو ثلاثة فقط بل أكثر كثيرًا، ويمضون للحصول على برهان آخر من والدي الرجل الذي شُفي، وهكذا يتصرفون ضد الناموس وبحماقة"[16]
عدد20: " أجابهم أبواه وقالا: نعلم أن هذا إبننا وأنه وُلِدَ أعمى" هنا يؤكد الأبوان هوية إبنهما الذي كان قد وُلِدَ أعمى. وبفعل "نعلم" يقدمان شهادتهما التي تسمو فوق أي شبهة. لقد أجاب أبواه على السؤال الأول إجابة إيجابية بدون أن يتورطا في مصيدة اليهود القانونية والتعرض لطريقة شفائه. ويقول القديس كيرلس:
 " إنهما يعترفان بحقيقة الأمر الذي لا شك فيه، وهذا الأمر لم يكن من المحتمل أن يعانيا بسببه أي شيء غير لائق فهما قد إعترفا أنه إبنهما ويؤكدان بوضوح أنه وُلِدَ بهذه العاهة، ومع ذلك فهما يتحاشيان أن يرويا قصة المعجزة تاركين لطبيعة المعجزة أن تتحدث عن نفسها"[17]
عدد21: " وأما كيف يبصر فلا نعلم، أو مَنْ فتح عينيه فلا نعلم. هو كامل السن إسألوه فهو يتكلم عن نفسه". 
تأكيد الأبوين لعدم معرفتهم بإستخدام عبارة "فلا نعلم" مرتين يُظهر مدى خوفهم من اليهود المحققين معهم. لقد كان الأبوان يُدركان جيدًا مشكلة المحققين، فالمشكلة ليست حدوث المعجزة في حد ذاتها بل شخص الشافي، لذا أكد مرارًا أنهما لا يعرفان مَنْ قام بالمعجزة.
ويمدح القديس كيرلس إجابة الأبوين ويعتبرها مقبولة جدًا، إذ يقول: " لأن الجميع يوافقون أن اعترافهما بأنه إبنهما، هو أمر من المعقول أن يُسألا عنه أكثر مما يسأل الرجل نفسه، بينما السؤال عن الطبيب الذي شفاه، فهذا لم يكن على الوالدين أن يجيبا عليه بل على ذاك الذي قد اختبر فائدة العمل المعجزي"[18]
هكذا توجيه الأبوين للمحققين نحو إبنهما مؤكدين بذلك على أن شهادته كرجل كامل السن هي موثقة قانونيًا. وقول الوالدين "هو كامل السن. أسألوه" تعبر عن مدى خوفهم، إذ أرادوا أن يلقوا عن كاهلهم ثقل التحقيق معهم ولكي يتجنبوا النتائج المخيفة التي سوف تتبع حقيقة إبصار إبنهما مرة أخرى. 
لذلك يسجل الإنجيلي ملاحظاته في عددي23،22 حيث يشرح كيف أن أبوي المولود أعمى لم ينكرا المعجزة عن جهلٍ بل عن خوفٍ: " قال أبواه هذا لأنهما كانا يخافان من اليهود، لأن اليهود كانوا قد تعاهدوا أنه إن إعترف أحد بأنه المسيح، يخرج من المجمع" (يو22:9، 23). وهكذا فإن اليهود يعتبرون إرجاع المعجزة لشخص المسيح كصانع للمعجزة يعادل عندهم الإعتراف بأنه المسيا، والنتيجة هي إخراج الأبوين من المجمع اليهودي. ويعلق كيرلسالأسكندري على موقف اليهود المشين ذاكرًا ما قاله يسوع عن الفريسيين: " ويل لكم أيها الناموسيون لأنكم أخذتم مفتاح المعرفة، ما دخلتم أنتم والداخلون منعتموهم" (لو52:11)[19]

حوار الفريسيين مع والدي الإنسان الذي كان أعمى (يو18:9ـ23) 

عدد18: ” فلم يصدق اليهود عنه إنه كان أعمى فأبصر حتى دعوا أبوي الذي أُبصر”، هذا العدد يعبر عن مدى خيبة أمل رؤساء اليهود عن الهوية الحقيقية للذي كان أعمى، خصوصًا حين إنتشرت شهادته الإيجابية بأن يسوع هو نبي. إذن لكي يتحققوا من صِدق المعجزة ويجدوا حلاً لتساءل الناس في عدد16: " كيف يقدر إنسان خاطيء أن يعمل مثل هذه الآيات"، قد دعوَّا أبوية للتحقيق معهم.
والقديس كيرلس الأسكندري يُرجِع عدم تصديق اليهود إلى حسدهم الشديد، قائلاً " إن حسدهم الشديد في داخلهم ضد "الشافي" لم يسمح لهم أن يؤمنوا بالأمر الذي اعترف به الكل، وبتأثير نوبة جنون فإنهم بالطبع لا يعطون إهتمامًا كبيرًا لإكتشافالحق، ويتكلموا كذبًا ضد المسيح"[20].
 كان هدف اليهود هو التغطية على المعجزة ومحاصرتها، لذا يقول القديس ذهبي الفم: " لعلك تلاحظ كمّ من طريقة يريدون بها أن يغطوا على المعجزة ويحاصرونها، لكن الحقيقة ـ وهذه طبيعتها ـ تصير أكثر قوة وبهاء بواسطة ما يحاك ضدها من دسائس"[21]
عدد20:” أجابهم أبواه وقالا: نعلم أن هذا إبننا وأنه وُلِدَ أعمى”، 
هنا يؤكد الأبوان هوية إبنهم الذي كان مولودًا أعمى "نعلم" يقدمان شهادتهما التي تسمو فوق أي شبهة. لقد أجاب أبواه على السؤال الأول إجابة إيجابية بدون أن يتورطوا في مصيدة اليهود القانونية والتعرض لطريقة شفاءه. ويقول القديس كيرلس: " إنهما يعترفان بحقيقة الأمر الذي هو ليس موضع شك، وهذا الأمر لم يكن من المحتمل أن يعانيا بسببه أي شيء غير لائق فهما قد إعترفا أنه إبنهما ويؤكدان بوضوح أنه وُلِدَ بهذه العاهة، ومع ذلك فهما يتحاشيان أن يرويا قصة المعجزة تاركين لطبيعة المعجزة أن تتحدث عن نفسها" (المرجع السابق ص69)
عدد21:”وأما كيف يبصر فلا نعلم، أو مَنْ فتح عينيه فلا نعلم. هو كامل السن إسألوه فهو يتكلم عن نفسه”. 
تأكيد الأبوين لعدم معرفتهم بإستخدام عبارة " فلا نعلم" مرتين يُظهر مدى خوفهم من اليهود المحققين معهم. لقد كان الأبوان يُدركان جيدًا مشكلة المحققين، فالمشكلة ليست هي المعجزة في حد ذاتها بل شخص الشافي، لذا أكد مرارًا أنهما لا يعرفان مَنْ قام بالمعجزة ويمدح القديس كيرلس إجابة الأبوين ويعتبرها مقبولة جدًا، إذ يقول:
 " لأن الجميع يوافقون أن اعترافهما بأنه ابنهما، هو أمر من المعقول أن يُسألا عنه أكثر من الرجل نفسه، بينما السؤال عن الطبيب الذي شفاه، فهذا لم يكن على الوالدين أن يجيبا عليه بل على ذاك الذي قد اختبر فائدة العمل المعجزي"[23]
هكذا وجَّه الأبوان المحققين إلى إبنهم مؤكدين بذلك على أن شهادته كرجل كامل السن هي موثقة قانونيًا. وقول الوالدين " هو كامل السن. اسألوه" يعبر عن مدى خوفهما، إذ أراد أن يلقيا عن كاهلهما ثقل التحقيق معهم ولكي يتجنبوا النتائج المخيفة التي سوف تتبع صِدق إبصار إبنهم مرة أخرى. 
لذلك يسجل القديس يوحنا ملاحظاته في عددي23،22 حيث يشرح كيف أن أبوي المولود أعمى لم ينكرا المعجزة عن جهلٍ بل عن خوف: " قال أبواه هذا لأنهما كانا يخافان من اليهود، لأن اليهود كانوا قد تعاهدوا أنه إن إعترف أحد بأنه المسيح، يخرج من المجمع" (يو22،9ـ23).
وهكذا فإن إنتساب المعجزة إلى شخص المسيح يعادل الإعتراف بأنه المسيا، والنتيجة هي إخراج الأبوين من المجمع اليهودي. ويعلق القديس كيرلس على موقف اليهود المشين ذاكرًا ما قاله يسوع عن الفريسيين: " ويل لكم أيها الناموسيون لأنكم أخذتم مفتاح المعرفة، وما دخلتم أنتم والداخلون منعتموهم" (لوقا52:11). 

حوار الفريسيين الثاني مع الذي كان مولودًا أعمى (يو24:9ـ32) 

عدد24: ” فدعوا ثانية الإنسان الذي كان أعمى وقالوا له أعط مجدًا لله. نحن نعلم أن هذا الإنسان خاطئ”. 
لم يستطع اليهود أن يشككوا في معجزة الشفاء بحد ذاتها بعد شهادة الأبوين الثابتة، لذا دعوا ثانيةً الذي كان أعمى وأفتوا بأن يسوع هو إنسان خاطئ. وتعبير " أعط مجدًا لله" بحسب العهد القديم (انظر على سبيل المثال 1صمو5:6) مرتبط بالإعتراف بالخطايا. ويقصد الفريسيون بهذا التعبير أن يتراجع الذي كان مولود أعمى عن إعترافه الذي أورده في (يو17:9): " إنه نبي" وأن يقر بأن يسوع إنسان خاطئ. واضح جدًا ـ في كل إنجيل يوحنا ـ ضلال الفريسيين حيث إن يسوع يتمم عمل الله الآب على الأرض (انظر يو17:5ـ20)، وهو الذي أخبر البشر عن الآب: " الله لم يره أحد قط. الابن الوحيد الذي هو في حضن الآب هو خبر" (يو18:1).ولأنه واحد مع الآب فلا يمكن أن يكون خاطئًا على الإطلاق، فهو القائل " من منكم يبكتني على خطية" (يو46:8)، بناء على ذلك، فالمجد يُعطى لله فقط عندما يكون مصحوبًا بالإعترافبإلوهية يسوع وإقرار الإيمان بشخصه، وهو ما فعله الإنسان الذي شُفي في نهاية المعجزة حين أقر بإيمانه بيسوع وسجد له.
 والقديس يوحنا ذهبي الفم يؤكد على هذا الأمر: قائلاً {عندما قالوا للمولود أعمى " أعط مجدًا لله" لم يقل شيئًا. ولكن عندما قابلة المسيح مدحه، ولم يدنه، ولا قال له لماذا لم تمجد الله؟ لكن ماذا قال له: " أتؤمن بابن الله" (يو35:9)، لكي تعلم أن الإيمان بابن الله هو إعطاء المجد لله. فلو لم يكن المسيح مساويًا للآب لما كان من الممكن أن يكون الإيمان به مجدًا، لكن، ولأن مَنْ يكرم الابن، يكون على صواب، إذ هو يكرم الآب أيضًا، لذلك لم يؤنب المسيح مَنْ كان أعمى}[24]
على النقيض، بينما إعتبر الفريسيون يسوع ناقضًا لوصية حفظ السبت ولذلك هو خاطئ، إلا أنهم في الحقيقة كانوا عميانًا روحيًا وخطاة، لأنهم لم يتمكنوا من التعرف على مَنْ هو المسيح على أساس شهادة أعماله الصادقة (راجع يو36:5)، كذلك أصروا على أنهم يبصرون والنتيجة أن خطيتهم ظلت كما هي، كما قال لهم الرب " قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ:«لَوْ كُنْتُمْ عُمْيَانًا لَمَا كَانَتْ لَكُمْ خَطِيَّةٌ. وَلكِنِ الآنَ تَقُولُونَ إِنَّنَا نُبْصِرُ، فَخَطِيَّتُكُمْ بَاقِيَةٌ" (يو41:9). وبتعبير "نحن نعلم" يعتقد الفريسيون بأنهم هم المفسرون الوحيدون للناموس وأنهم على حق في إدانة يسوع. هذا الأمر لم يسمح لهم أن يدركوا جيدًا أن الناموس ليس هو بحد ذاته يخلص بل هو مجرد شاهد للمسيح ونعمته المخلصة " فَتِّشُوا الْكُتُبَ لأَنَّكُمْ تَظُنُّونَ أَنَّ لَكُمْ فِيهَا حَيَاةً أَبَدِيَّةً. وَهِيَ الَّتِي تَشْهَدُ لِي" (انظر يو38:5ـ40).
ويشرح القديس كيرلس عمود الدين هذا الأمر، قائلاً: " رغم أنه كان في استطاعتهم أن يعرفوا سر المسيح الذي أشار إليه وأعلنه الناموس والأنبياء من خلال صور كثيرة، فإنهم بغير مبالاة إطلاقًا يتمسكون بجهلهم الذي فرضوه على أنفسهم... لأنهم كان ينبغي بالحري أن يهذبوا أذهان عامة الشعب ليفهموا أسرار المسيح ويحاولوا أن يقودوا الآخرين لمعرفة ما كان يليق بهم أن يعرفوه. ولكن إذ كانوا مسرفين في المجادلات ومقتدرين في الإفتخار، ولهم نظرة عالية جدًا عن أنفسهم، فإنهم يصيحون قائلين "نحن نعلم"، وبذلك فهُم ينحون كلمات الناموس جانبًا ويحسبون صوت موسى كلا شيء ويعتبرون إعلانات الأنبياء باطلة"[25]

حوار المسيح مع الذي كان مولودًا أعمى (يو35:9ـ38) 

عدد35: ”فسمع يسوع أنهم أخرجوه خارجًا فوجده وقال له أتؤمن بإبن الله”. 

يعلق القديس كيرلس الإسكندري على عبارة " فسمع يسوع" مؤكدًا على أن الإنجيلي يوحنا لا يقصد بالضرورة أن أي أحد أوصل هذا الخبر إليه، إذ يقول:
 { بالتأكيد أنه يسمع كما يقول المرنم: "الذي غرس الأذن ألا يسمع؟ والذي صنع العين ألا يبصر؟"}[26].
ويؤكد القديس كيرلس على أن الله ينظر إلينا ويراقبنا بالحري حين نتعرض للإهانة من أجله، معللاً ذلك قائلاً: "لأن طبيعة الحدث نفسه، وإخلاص الذين يُهانون لأجله يصرخان بصوت عالٍ في الآذان الإلهية"[27].
وفي نفس السياق يقول القديس يوحنا ذهبي الفم: "أولئك الذين يتعرضون للشر، ويُشتمون لأجل الحق، ولأجل اعترافهم بالمسيح، هؤلاء يُكرَّمون قبل الجميع"[28].
 ويوضح لنا القديس كيرلس عبارة "فوجده وقال له أتؤمن بإبن الله؟!!"، قائلاً: "الرجل الذي كان أعمى طرده الفريسيون خارجًا، وبعد قليل من طرده بحث عنه المسيح، وحينما وجده أدخله إلى الأسرار" ويستمر قائلاً: "فها أنت تسمع كيف يُظهر (المسيح) نفسه وكأنه يعطي مكافأة حسنة، وهو يسرع لكي يغرس فيه الكمال الأعلى للإيمان.
 وهو يقترح عليه السؤال لكي يحصل منه على الموافقة. فإن هذه هي طريقة كشف الإيمان"[29].
 المسيح هنا عكس اليهود، بينما أخرجوا الذي كان أعمى وطردوه، يؤكد المسيح في يو37:6 "مَنْ يُقبل إلىَّ لا أخرجه خارجًا". وبسؤال المسيح: "أتؤمن بابن الله؟" يهدف إلى التأكيد على الإيمان الذي كان بالفعل لدى هذا الإنسان. والكنيسة أخذت هذا المنهج وطبقته على الذين يأتون إلى المعمودية الإلهية، كما يؤكد ذلك القديس كيرلس:
"وهكذا أيضًا الذين يأتون إلى المعمودية الإلهية، فإنهم قبل المعمودية وأثناء فترة الإستعداد يُسألون بخصوص إيمانهم، وحينما يوافقون ويعترفون بالإيمان، فإننا في الحال نُدخلهم كأناس لائقين للنعمة"[30].
 أيضًا، هنا يخاطب المسيح الذي كان أعمى بمفرده "أتؤمن" وذلك لكي يميز هذا الإنسان عن الفريسيين غير المؤمنين الذين لم يقبلوا نعمة يسوع المُحيية[31]. والمكافأة التي نالها هذا الإنسان من جراء إيمانه هو إعلان المسيح ذاته له. وهذا الأمر يشرحه بإستفاضة القديس يوحنا ذهبي الفم، قائلاً: "إنتبه إذن، فقد أعلن ذاته له لأن مَنْ كان أعمى لم يكن يعرفه مَنْ هو، وبهذا فقد وضعه في مصاف التلاميذ"[32]
يو36:9 ” أجاب ذاك وقال، مَنْ هو يا سيد لأؤمن به؟”. 
التعبير هنا يكشف عن نفس مشتاقة وراغبة في معرفته، ويتفق القديس ذهبي الفم مع القديس كيرلس في أن هذا الإنسان كانت له محبة كبيرة للحق. يقول القديس كيرلس: "ها هوذا يسأل بإجتهاد مَنْ هو الشخص الذي ينبغي أن يوجه نحوه إيمانه الذي كان قد نشأ داخل نفسه"[33]. ويتخيل القديس ذهبي الفم ما كان يجول بخاطر الإنسان الذي كان أعمى، معبرًا عنه بكلمات رائعة، إذ يقول: { شتمني جميع اليهود كثيرًا، ولكني لم أُعرهم أهتمامًا، شيء واحد أهتم به، أن أؤمن بك، لأن واحدًا يتمم مشيئة الرب أفضل من آلاف العصاة (راجع حكمة بن سيراخ3:18)}[34]
يو37:9: ”فقال له يسوع قد رأيته والذي يتكلم معك هو هو”. 
إعلان يسوع عن ذاته في هذا العدد إستخدم فيه تعبير "قد رأيته"، هذا التعبير يوَّجه الإنسان الذي كان أعمى إلى معجزة شفائه حيث الآن يستطيع أن يرى من صنع معه هذا الإحسان ومنح له النور ويدعوه أن يؤمن به. وبأكثر تحديد يقول: "والذي يتكلم معك هو هو"، أي إعلان يسوع عن ذاته للإنسان الذي كان أعمى لا يستند على رؤية خاطفة بل على خبرة الأعمى الذي رآه وسمعه.
ويشرح القديس كيرلس هذا الإعلان عقيديًا مؤكدًا على تجسد الكلمة الحقيقي، إذ يقول: "إنه هو نفسه، هو الذي يقدم ذاته للعيون الجسدية وهو نفسه أيضًا الذي يُعرف بواسطة الكلام ... لأنه بسبب كونه الله إلا أنه قد صار إنسانًا دون أن ينفصل عن ألوهيته، وهو الإبن أيضًا بالجسد: فإنه في هذه الأمور يوجد أكمل إعتراف ومعرفة عن الإيمان به"[35].
على الجانب الآخر، يعلن هذا العدد أن معجزة تفتيح الأعين الجسدية للأعمى لم تكن كافية، كانت الضرورة للإيمان بمَنْ فعل المعجزة، الذي هو ذاته النور الذي ينير العالم (راجع يو12:8، 5:9، 35:12ـ36). ويمنح الحياة الأبدية في الحاضر. الذي يؤمن بالنور يستطيع أن يصير "ابن النور"، كما كرز الرب يسوع في (يو36:12). 
يو38:9: ”فقال أؤمن يا سيد. وسجد له”. 
لقد أظهر هذا الإنسان القوة الإلهية التي نالها، وكما يقول القديس يوحنا ذهبي الفم: "وحتى لا يعتقد أحد إن ما قاله ليس أكثر من مجرد كلام، أضاف الأعمال إلى الأقوال"[36]. لقد أدرك هذا الإنسان أن الذي أمامه ليس مجرد إنسان بل هو الإبن الوحيد الجنس، إذ يقول القديس كيرلس الأسكندري:
 "وحينما عرف أن ذلك الشخص الحاضر معه والذي يراه بعينيه هو بالحقيقة الابن الوحيد الجنس، فإنه سجد له كإله، رغم أنه كان يراه بالجسد بدون المجد اللائق بالله حقًا"[37]. وينفرد القديس كيرلس برؤيته لمعجزة المولود أعمى بأنها مثال ونموذج للأمم المدعوين بالإيمان بالمسيح، إذ يقول: "أرجو أن تلاحظوا كيف أن المولود أعمى يسبق ويصوَّر مقدمًا نموذجًا للسجود بالروح الذي كان الأمم مدعوين إليه بإيمانهم بالمسيح"[38]

حوار المسيح مع الفريسيين (يو39:9ـ41). 

” فَقَالَ يَسُوعُ: « لِدَيْنُونَةٍ أَتَيْتُ أَنَا إِلَى هَذَا \لْعَالَمِ حَتَّى يُبْصِرَ الَّذِينَ لاَ يُبْصِرُونَ وَيَعْمَى الَّذِينَ يُبْصِرُونَ».فَسَمِعَ هَذَا الَّذِينَ كَانُوا مَعَهُ مِنَ الْفَرِّيسِيِّينَ وَقَالُوا لَهُ: «أَلَعَلَّنَا نَحْنُ أَيْضاً عُمْيَانٌ؟قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «لَوْ كُنْتُمْ عُمْيَاناً لَمَا كَانَتْ لَكُمْ خَطِيَّةٌ. وَلَكِنِ الآنَ تَقُولُونَ إِنَّنَا نُبْصِرُ فَخَطِيَّتُكُمْ بَاقِيَةٌ”.(يو39:9ـ41)
تكتمل رواية معجزة شفاء المولود أعمي بحوار سريع ليسوع مع الفريسيين حيث المفارقة الظاهرية التي يعلنها يسوع في عدد39 " لِدَيْنُونَةٍ أَتَيْتُ أَنَا إِلَىهَذَا الْعَالَمِ حَتَّى يُبْصِرَ الَّذِينَ لاَ يُبْصِرُونَ وَيَعْمَى الَّذِينَ يُبْصِرُونَ".
 ويشرح القديس كيرلس عمود الدين هذا التباين الظاهري, قائلاً: "حينما يشرح المسيح ـ بصوت إشعياء ـ سبب ظهوره في هذا العالم, فإنه يقول "روح الرب عليَّ لأنه مسحني: أرسلني لأبشر المساكين لأعصب منكسري القلب لأنادي للمأسورين بالإطلاق وللعمى بالبصر" (إش1:61س).
 وأيضاً يقول في موضع آخر " أيها الصم أسمعوا أيها العمى انظروا لتبصروا" (إش42:18). فإنه كان يقول إنه لهذا السبب اختاره الله الآب لكي ينادي للعمى بالبصر,فكيف يقول هنا: " لدينونة أتيت أنا إلي هذا العالم, لكي يبصر الذين لا يبصرون ويعمى الذين يبصرون"! فربما يقول أحدهم إذن, هل المسيح خادم للخطية بحسب لغة بولس؟ حاشا, لأنه جاء ليتمم قصده الصالح من نحونا, أي لينير كل الناس بمصباح الروح.[39]
ثم يستمر القديس كيرلس في فك طلاسم هذا التابين الظاهري, قائلاً: "ولكن اليهود بسبب إصرارهم علي عدم الإيمان لم يقبلوا النعمة المشرقة عليهم, فحكموا علي أنفسهم بظلمة إختاروها لأنفسهم. لأنه مكتوب عنهم في كتب الأنبياء بينما كانوا ينتظرون ضياءً ساروا في ظلامٍ دامس.... ولم يكن هناك سبب آخر يجعلهم يعانون من الظلمة التي أتت عليهم سوي أنهم بعدم إيمانهم جلبوا الألم علي أنفسهم. فهو يقول: إني جئت لأعطي البصر للعميان عن طريق إيمانهم (بي), ولكن عناد وقساوة الفريسيين التي لا تليق, وعدم إيمانهم جعلت مجئ واهب النور أن يصير بالنسبة لهم مجيئاً للدينونة.[40]
هكذا بسبب أن الفريسيين لم يؤمنوا بالابن لذلك فإنهم يُدانون وهذا ما رواه البشير بوضوح: " الحق الحق أقول لكم.... الذي يؤمن بالابن لا يُدان والذي لا يؤمن قد دين لأنه لم يؤمن بابن الله الوحيد" (يو3:3،18). وكلام المسيح يُفهم في إطار معجزة شفاء المولود أعمى. فالبصر والعمى ليسا هما البصر والعمى الجسدي بل الروحي.
 فالذي شُفي قد نال البصر ليس من جهة الجسد فقط بل أيضاً من جهة الذهن لأنه قد قَبلِ الإيمان بابن الله. أما الفريسيون فقد أصابهم العمى لأنهم لم يبصروا مجد ابن الله, رغم إن هذا المجد ـ كما يقول القديس كيرلس ـ كان مضيئاً بأشد وضوح في تلك المعجزة. 
بالتالي الأعمى يرمز للإنسان الميت روحياً الذي نال النور من يسوع ليس فقط نوراً للأعين الجسدية بل للروحية, بمعني, أنه نال الحياة الأبدية, ذلك الموضوع الرئيسي الذي يحتل المكانة المحورية في إنجيل يوحنا. أيضاً الذين لا يؤمنون بيسوع بكونه إبن الله يكشفون عن فقدانهم للبصيرة الروحية, فبالرغم من أن لهم عيون جسدية, إلا أنهم لا يبصرون روحياً. 3
ويشرح القديس يوحنا ذهبي الفم هذا الأمر, قائلاً:
 "لدينونة" قالها لكي يعلن أن هناك عقاباً عظيماً, وأن مَنْ أدانوه هم المدانون أصلاً, هؤلاء الذين حكموا عليه (المولود أعمى) كخاطئ هم المدانون. وهنا أنا أقصد نوعين من البصر ونوعين من العمى: البصر الحسي والذهني, والعمى الحسي والذهني.[41]
يو40:9 ” فَسَمِعَ هَذَا الَّذِينَ كَانُوا مَعَهُ مِنَ الْفَرِّيسِيِّينَ وَقَالُوا لَهُ: «أَلَعَلَّنَا نَحْنُ أَيْضاً عُمْيَانٌ؟”. 
إن سؤال الفريسيين للمسيح: "ألعلنا نحن أيضاً عميان؟"يدل علي أنهم يريدون أن يلتقطوا منه سبباً لإدانته والاعتراض عليه كأنهم شُتموا لكي يتمكنوا من إدانته كمتعدٍ علي وصية الناموس: " لا تسب رئيساً في شعبك" (خر28:22).
 ويتخيل القديس كيرلس أنهم يقولون له ما يلي: [ يا هذا أنت تتباهي بأمور غريبة, فأنت لم تتمم أياً من هذه الأعمال التي تظن في نفسك أنك قد أجريتها هل تريد أن تفرض نفسك علينا بعملك المعجزي. هل تستطيع أن تقول إنك قد شفيتنا علي إعتبار أننا نحن أيضاً عميان؟ هل أنت تريد منا أن ننسب إليك المجد الذي يحق لطبيب وصانع عجائب, وأنت تتكلم بأكاذيب بنفس طريقة هذا الرجل الذي تقول عنه إنه نال البصر بعد أن كان قد وُلدِ أعمى هل تتجاسر أن تتعامل معنا كذباً بأقوال مماثلة؟][42]
هكذا لغة الفريسيين هي شريرة ومملؤة بالمرارة الشديدة, إذ يعتبرون ما هو حق خدِاعاً. 
يو41:9 ” قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «لَوْ كُنْتُمْ عُمْيَاناً لَمَا كَانَتْ لَكُمْ خَطِيَّةٌ. وَلَكِنِ الآنَ تَقُولُونَ إِنَّنَا نُبْصِرُ فَخَطِيَّتُكُمْ بَاقِيَةٌ”. 
أراد يسوع أن يقول للفريسيين "إن الأعمى الذي لم ينظر أي فعل من الأفعال المعجزية, قد مضي دون أن يخطئ, وهكذا فهو بلا لوم. أما هم الذين كانوا يراقبون وينظرون الفعل المعجزي, وبحماقة عظيمة وميل خبيث لم يقبلوا الإيمان عندما رأوا, لذلك فهم يجعلون خطيتهم صعبة الغفران.[43]
ويضرب لنا القديس كيرلس مثالاً لكي نفهم أقوال الرب فهماً جيداً. فالإنسان الجاهل يمكن أن يحصل علي العفو من القاضي أما الذي له معرفة جيدة ويفهم واجبة, ولكنه يطلق العنان لميوله الوضيعة, ويسلم نفسه لسيطرة اللذات بما لا يليق, مثل هذا الإنسان يهلك بعدالة تامة لكونه بلا عذر أُمسك بخطية في نفسه ويذكرنا بقول الرب يسوع المسيح "وأما الذي يعلم إرادة سيده ولا يفعل سيُضرب كثيراً" (لو47:12). إن تهمه الإنسان الأول هي الجهل, أما الثاني فهي الوقاحة المتعجرفة.[44]
وبقوله للفريسيين: " أنتم تقولون إننا نبصر" يريد أن يقول لهم لأنكم تقولون إنكم تبصرون ولا تعلمون ما ينبغي, فأنتم مدانون من أنفسكم لأنكم تعرفون إرادة الرب ولكنكم تقاومون أعظم معجزاته إقتداراً. 



دكتور/ جورج عوض 
دكتوراة فى العلوم اللاهوتية
باحث فى المركز الارثوذوكسى للدراسات الابائية 
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] القديس كيرلسالأسكندري، شفاء المولود أعمى، ترجمة د. نصحي عبد الشهيد، المركز الأرثوذكسي للدراسات الآبائية، مارس 2008، ص6. 
[2] القديس يوحنا ذهبي الفم، المولود أعمى، ترجمها عن اليونانية د. جورج عوض إبراهيم، مراجعة د. نصحي عبد الشهيد، المركز الأثوذكسي للدراسات الآبائية مارس 2006م ص11. 
[3] القديس يوحنا ذهبي الفم، المرجع السابق، ص10. 
[4] القديس كيرلس عمود الدين، شرح إنجيل يوحنا، الجزء الخامس، ترجمة ومقدمة د. موريس تاوضروس ود. نصحي عبد الشهيد، ديسمبر 2003م، ص50. 
[5] القديس ذهبي الفم، شفاء المولود أعمى، ترجمة د. جورج عوض ابراهيم، مراجعة د. نصحي عبد الشهيد، مارس 2006، ص11. 
[6] القديس كيرلس عمود الدين، المرجع السابق، ص51. 
[7] القديس ذهبي الفم، المرجع السابق، ص21. 
[8] انظر كيرلس عمود الدين، المرجع السابق، ص54. 
[9] القديس يوحنا ذهبي الفم، المرجع السابق، ص22. 
[10] القديس ذهبي الفم، المرجع السابق، ص23. 
[11]المرجع السابق، ص55. 
[12] القديس كيرلسالأسكندري، المرجع السابق، ص56. 
[13] انظر القديس كيرلسالأسكندري، المرجع السابق، ص56. 
[14] القديس كيرلس عمود الدين، شرح إنجيل يوحنا، الجزء الخامس، ترجمة ومقدمة د. موريس تاوضروس ود. نصحي عبد الشهيد، ديسمبر 2003م، ص67. 
[15]القديس ذهبي الفم، شفاء المولود أعمى، ترجمة د. جورج عوض إبراهيم، مراجعةد. نصحي عبد الشهيد، مارس 2006، ص30ـ 31. 
[16]كيرلسالأسكندري، المرجع السابق، ص67. 
[17]المرجع السابق، ص69. 
[18]المرجع السابق،ص69. 
[19] انظر كيرلسالأسكندري، المرجع السابق، ص70. 
[20]القديس كيرلس عمود الدين، شرح إنجيل يوحنا، الجزء الخامس، ترجمة ومقدمة د. موريس تاوضروس ود. نصحي عبد الشهيد، المركز الأرثوذكسي للدراسات الآبائية، ديسمبر 2003، ص67. 
[21]القديس يوحنا ذهبي الفم، شفاء المولود أعمى، ترجمة د. جورج عوض إبراهيم، مراجعة د. نصحي عبد الشهيد، المركز الأرثوذكسي للدراسات الآبائية، مارس 2006، ص30ـ31. 
[22]كيرلسالأسكندري، المرجع السابق،ص67. 
[23]كيرلسالأسكندري، المرجع السابق، ص69. 
[24] القديس يوحنا ذهبي الفم، شفاء المولود أعمى، ترجمة د. جورج عوض إبراهيم، مراجعة د. نصحي عبد الشهيد، المركز الأرثوذكسي للدراسات الآبائية، مارس 2006، ص34. 
[25] القديس كيرلس عمود الدين، شرح إنجيل يوحنا، الجزء الخامس، ترجمة ومقدمة د. موريس تاوضروس ود. نصحي عبد الشهيد، المركز الأرثوذكسي للدراسات الآبائية، ديسمبر 2003، ص73ـ 74. 
[26]القديس كيرلس عمود الدين، شرح إنجيل يوحنا، الجزء الخامس، المركز الأرثوذكسي للدراسات الآبائية ديسمبر 2003م، ترجمة ومقدمة د. موريس تاوضروس و د. نصحي عبد الشهيد، ص93. 
[27]المرجع السابق، ص93. 
[28]القديس يوحنا ذهبي الفم، المولود أعمى، ترجمة د. جورج عوض إبراهيم، مراجعة د. نصحي عبد الشهيد، المركز الأرثوذكسي للدراسات الآبائية، مارس2006، ص45. 
[29]القديس كيرلس عمود الدين، المرجع السابق، ص94. 
[30]المرجع السابق، ص94. 
[31]انظر القديس كيرلس عمود الدين، المرجع السابق، ص94-95. 
[32]القديس يوحنا ذهبي الفم، المرجع السابق، ص45-46. 
[33]القديس كيرلس عمود الدين، المرجع السابق، ص95. 
[34]القديس يوحنا ذهبي الفم، المرجع السابق، ص46. 
[35]القديس كيرلس عمود الدين، المرجع السابق، ص97. 
[36]القديس يوحنا ذهبي الفم،المرجع السابق، ص47. 
[37]القديس كيرلس عمود الدين، المرجع السابق، ص97. 
[38]المرجع السابق، ص98. 
[39]القديس كيرلس عمود الدين, شرح إنجيل يوحنا, الجزء الخامس, المركز الأرثوذكسي للدراسات الآبائية ديسمبر 2003, ترجمة ومقدمة د. موريس تاوضروس ود. نصحي عبد الشهيد, ص99ـ100. 
[40]المرجع السابق ص100. 
[41]القديس يوحنا ذهبي الفم, المولود أعمي, ترجمة د. جورج عوض إبراهيم, مراجعة د. نصحي عبد الشهيد, المركز الأرثوذكسي للدراسات الآبائية, مارس 2006, ص47. 
[42]المرجع السابق, ص102. 
[43]القديس كيرلس عمود الدين, المرجع السابق, ص103. 
[44]أنظر المرجع السابق, ص103.