تجسد الكلمة - 12

الفصل السابع والثلاثون - الثامن والثلاثون - التاسع والثلاثون 
الفصل السابع والثلاثون 
مقدمة 
نبوة " ثقبوا يدىّ ورجلىّ " (مز16:22). عظمة ميلاده وموته. اضطراب العرافين والشياطين في مصر. 
1 ـ أو مَن مِن بين الذين سُجلت سيرتهم في الكتاب المقدس [1] قد ثُقبت يداه ورجلاه أو عُلّق كله على خشبة ومات على الصليب لأجل خلاص الجميع؟ [2]
فإبراهيم مات وانتهت حياته على الفراش [3]، واسحق ويعقوب أيضًا ماتا رافعين أقدامهما على الفراش [4]؛ موسى وهارون ماتا في الجبل [5] وداود مات في بيته [6] دون أن يتعرّض لمؤامرة من الشعب. صحيح أن شاول قد طارده، لكنه حُفظَ من الأذى [7]
وإشعياء نُشِرَ ولكنه لم يعلّق على خشبة [8]. وإرمياء أُهين [9] إلاّ أنه لم يَمُتْ بسبب الحكم عليه [10]. وحزقيال تألم [11]، ليس من أجل الشعب، بل لكى يوضح ما كان عتيدًا أن يأتي على الشعب (من كوارث). 
2 ـ وأيضًا فإن هؤلاء الذين احتملوا الآلام كانوا بشرًا وجميعهم يشبهون بعضهم بعضًا في طبيعتهم المشتركة، أما ذلك الذى تنبأ عنه الكتاب أنه يتألم عن الجميع فإنه يُدعى ليس مجرد إنسان بل "حياة " الكل حتى إن كان مشابهًا للبشر في طبيعتهم.
 لأن الكتاب يقول "سوف ترون حياتكم معلّقة أمام أعينكم[12] وأيضًا يقول "مَنْ يُخبر بجيله" [13] فيمكن للمرء أن يتحقق من سلسلة أنساب كل القديسين، ويُخبر عنها منذ بدايتها، ويعرف من أي جيل وُلِدَ كل منهم. أما جيل الذي هو " الحياة " فإن الكتب المقدسة تشير إليه على أن لا يُخبر به. 
3 ـ فمَن هو إذن ذلك الذي تقول عنه الكتب الإلهية هذا الكلام؟ [14] أو مَن هو العظيم بهذا المقدار حتى يتنبأ عنه الأنبياء [15] بهذه الأمور العظيمة؟ لا يوجد أحد آخر في الكتب سوى مخلّص الجميع، كلمة الله، ربنا يسوع المسيح.
 فهو الذي وُلِدَ من العذراء وظهر كإنسان على الأرض وهو الذي لا يُخبَر بجيله حسب الجسد، لأنه لا أحد يستطيع أن يُحدد له أبًا حسب الجسد لأن جسده لم يأتِ من رجل بل من عذراء فقط. 
4 ـ لأنه لن يستطيع أحد أن يُخبر عن نسب (ولادة) المخلّص بالجسد من رجل بنفس الطريقة التي تُذكر بها سلسلة أنساب داود وموسى وجميع الآباء البطاركة. فهو الذي جعل النجم [16] يعلن عن ميلاده بالجسد، لأنه كان يليق بالكلمة النازل من السماء أن يكون الإعلان عن ميلاده أيضًا من السماء.
وكان يليق بملك الخليقة، عند مجيئه (للعالم) أن تعترف به المسكونة جهارًا. 
5 ـ فمع أنه وُلِدَ في اليهودية، فقد جاء رجال من بلاد فارس ليسجدوا له. فهو الذي نال الغلبة على الشياطين أعدائه، والنصرة على العبادة الوثنية حتى قبل ظهوره في الجسد [17].
 وكل الأمم الوثنية من كل قطر هجروا تقاليدهم الموروثة وعبادة الأصنام [18]، والآن يضعون رجاءهم في المسيح [19]، ويقدمون خضوعهم له، الأمر الذي يمكن أن نراه بعيوننا [20]
6 ـ فضلال المصريين لم يتوقف في أي عصر من العصور إلاّ حينما جاء رب الكل بالجسد إلى هناك كأنه راكب على سحابة، وأبطل ضلالات الأوثان [21]، وجذب الجميع إلي نفسه ثم إلى الآب من خلال شخصه. 
7 ـ وهو الذي صُلب والشمس وكل الخليقة ومن صلبوه شهود لصلبه [22]. وبموته صار الخلاص للجميع [23]، وتم الفداء لكل الخليقة. هذا هو "حياة " الكل، الذي سلّم جسده للموت كَحَمل فدية [24] لأجل خلاص الكل [25] ولو لم يؤمن اليهود بذلك [26]
الفصل الثامن والثلاثون 
مقدمة 
نبوات أخرى واضحة عن مجىء الله في الجسد. معجزات المسيح المنقطعة النظير. 
1 ـ فإن كانوا يظنون أن هذه البراهين غير كافية فليقتنعوا على الأقل ببراهين أخرى مستقاة من الأقوال الإلهية التي عندهم [27]
لأنه عن مَنْ يقول الأنبياء " صرت ظاهرًا لمن لم يطلبوننى، وُجدت من الذي لم يسألوا عني، قلت هاأنذا للأُمَّة التي لم تُسمَّ باسمي، بسطت يدي إلى شعب معاند ومقاوم"[28] ؟ 
2 ـ ويمكن للمرء أن يسأل اليهود: مَنْ هو إذن الذي صار ظاهرًا؟ فإن كان هو النبي فليقولوا لنا متى اختفى [29] حتى يظهر ثانيةً، وأي نبي هذا الذي لم يظهر من الخفاء [30] فقط، بل أيضًا بسط يديه على الصليب؟ [31] بالتأكيد أنه ليس بين الأبرار سوى كلمة الله فقط الذي هو بلا جسد حسب الطبيعة، ظهر في الجسد لأجلنا [32] وتألم عن الجميع. 
3 ـ وإن كان حتى هذا لا يكفيهم فلعلهم على الأقل يصمتون بواسطة برهان آخر واضح كل الوضوح [33]، لأن الكتاب يقول " تشدّدي أيتها الأيادي المسترخية والرُكب المرتعشة، تعزوا يا خائفي القلوب، تشدّدوا لا تخافوا هوذا إلهنا يجازي منتقمًا، هوذا يأتي ويخلّصنا. حينئذٍ تفتح عيون العُمي وآذان الصُمّ تسمع، حينئذٍ يقفز الأعرج كالأيّل ولسان العيّ يصير فصيحًا"[34]
4 ـ والآن ماذا يمكن أن يقولوا عن هذا أو كيف يجرأون على أن يواجهوا هذا بالمرة؟ فالنبّوة لا توضح أن الله يحل هنا فقط بل هي تكشف أيضًا عن علامات ووقت مجيئه.
 فهي تربط معًا استعادة العُمي لبصرهم، وشفاء العرج ليمشوا، والصُمّ ليسمعوا، ولسان المتلعثم يصير فصيحًا، وذلك بمجيء الإله الذي كان مزمعًا أن يحدث. فليخبرونا إذًا متى تَمّت هذه العلامات في إسرائيل أو في أى مكان في اليهودية حدث أمر كهذا؟ 
5 ـ فنعمان الأبرص تطهر [35]، ولكن لم يحدث أن أصمًا سمع أو أعرج مشى. وإيليا أقام ميتًا، وهكذا فعل إليشع [36]، ولكن لم يستَعِد أيّ أعمى منذ ولادته بصره [37].
 حقًا إن إقامة الميت أمر عظيم ولكنه ليس مثل العجائب التي تمّمها المخلّص [38]. فإن كان الكتاب لم يغفل ذكر حادثة الأبرص، ومعجزة ابن الأرملة الذي أقامه إيليا، بالتأكيد لو كان قد حدث أن إنسانًا أعرج مشى أو أعمى استعاد بصره لما أغفل ذكر هذا أيضًا. وحيث إنه لم يَرِد شيء عن ذلك في الكتاب فواضح أن مثل هذه الأمور لم تحدث مطلقًا من قبل [39]
6 ـ إذن متى حدثت هذه (المعجزات) إلاّ عندما جاء كلمة الله نفسه في الجسد؟ ومتى مشى العرج وتكلّم المُتلعثمون بفصاحة، وسمع الصُمّ، واستعاد العُمي منذ ولادتهم بصرهم، إلاّ عندمـا جاء هو في الجسد؟ لأن هذا هو عين ما شهد به اليهود الذين عاينوا تلك الأمور لأنهم لم يسمعوا أنها حدثت في أى وقت من قبل إذ قالوا:
 "منذ الدهر لم يُسمع عن أحد فتح عيني مولود أعمى. لو لم يكن هذا من الله لم يقدر أن يفعل شيئًا[40]
الفصل التاسع والثلاثون 
مقدمة
دليل آخر: دانيال يتنبأ عن وقت مجيئه. تفنيد الاعتراضات المتعلقة بهذا. 
1 ـ ولكن ربما لأنهم لم يكونوا قادرين على مقاومة الحقائق الواضحة باستمرار، فإنهم دون أن ينكروا الأمور المكتوب عنها يقولون إنهم ينتظرون تحقيقها، وإن كلمة الله لم يأتِ بعد.
 وهذا هو ما يرددونه على الدوام دون أن تخجلهم الحقائق الواضحة التي يواجهونها. 
2 ـ ولكن في هذا الأمر أكثر من غيره سيتم دحضهم بشدة، ليس على أيدينا بل بواسطة دانيال الكثير الحكمة الذي يحدّد الوقت الفعلي لمجىء المخلّص الإلهي بيننا قائلاً:
 " سبعون أسبوعًا قُضيت على شعبك وعلى المدينة المقدسة لتكميل المعصية وتتميم الخطايا ولكفارة الآثم وليؤتى بالبر الأبدي ولختم الرؤيا والنبوة والمسيا قدوس القديسين، فعلم وافهم أنه من خروج الأمر لتجديد أورشليم وبنائها إلى المسيح الرئيس.." [41]
3 ـ فربما في النبوات الأخرى يستطيعون أن يجدوا عذرًا لأنفسهم أو أن يؤّجلوا تتميم المكتوب إلى وقت آخر في المستقبل، ولكن ماذا يستطيعون أن يقولوا عن هذه النبوة؟ أو كيف يمكنهم مواجهتها على الإطلاق؟
 إذ نجد فيها ليس إشارة فقط إلى المسيح بل هي تُخبر بأن الذي سيُمسح [42] ليس هو مجرد إنسان بل هو "قدوس القديسين" وأن أورشليم تبقى إلى وقت مجيئه وبعد ذلك تبطل النبوة والرؤيا في إسرائيل. 
4 ـ فداود مُسح قديمًا وكذلك سليمان وحزقيا ومع ذلك فإن أورشليم والموضع (الهيكل) استمرا موجودين بعدهم، وأيضًا الأنبياء جاد وآساف وناثان ومن بعدهم إشعياء وهوشع وعاموس وآخرون، كل هؤلاء استمروا يتنبأون. ثم أن الأشخاص الذين كانوا يُمسحون كانوا يُدعون قديسين ولكن لم يُدع أحد منهم قدوس القدوسين. 
5 ـ إن كانوا يجدون لهم ذريعة في السبي قائلين إن أورشليم لم تكن قائمة عندئذٍ، فماذا يستطيعون أن يقولوا عن الأنبياء أيضًا؟ فالواقع أنه في بداية السبي عندما نزل الشعب إلى بابل كان هناك دانيال وإرميا، وكذلك تنبأ هناك أيضًا حزقيال وحجي وزكريا. 


 ترجمة عن الاصل اليونانى – المقدمات - التعليقات
للاستاذ الدكتور / جوزيف موريس فلتس 
دكتوراة فى العلوم اللاهوتية 
باحث بالمركز الارثوذوكسى للدراسات الابائية 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] السؤال هنا يعتمد على نبؤة إش3:53ـ5 التي أوردها القديس أثناسيوس في فصل 2:34، وهو هنا يقاوم فهم اليهود الخاطئ عن نبوات الكتاب المقدس، ويشير إلى المفاهيم الخاطئة في مقالته الأولى ضد الآريوسيين. فقرة 54. "أما القول: كشاة قد سيقت إلى الذبح (إش7:53) فإنهم لم يتعلّموا من فيلبس إلى مَن تشير بل ظنوا أنه يتكلّم عن إشعياء أو عن نبى آخر من بين أنبيائهم ". 

[2] يركز القديس أثناسيوس على إيضاح أمرين، قد حدثا معًا للسيد المسيح، ولم يحدثا لأى شخص آخر ورد اسمه في العهد القديم، وهما: النبؤات عن آلام الصليب الشافية والموت من أجل خلاص الجميع. 
[3] انظر تك8:25. 
[4] تك 29:35، 33:49. إذن موت السيد المسيح على الصليب كان موتًا مختلفًا عن موت كل هؤلاء. فهو لم يمت كالباقين على الفراش بسبب ضعف طبيعته بل كان موته من أجل خلاص الجميع انظر فصل21. 
[5] تث1:34ـ5 ، 50:32. 
[6] 1مل10:2. 
[7] 1صم19:18. 
[8] انظر فصل 24. 
[9] حسب التقليدين اليهودى والمسيحى المبكرين. 
[10] منذ السقوط والإنسان يموت بسبب حكم الموت. فصول21،10. ولقد رفع السيد المسيح حكم الموت عنا بموته هو شخصيًا عندما حُكم عليه بموت الصليب فصل 25. 
[11] حز1ـ3 
[12] انظر تث 66:28. هذه الآية سبق أن استخدمها القديس أثناسيوس في فصل 35 في سياق حديثه عن موت الصليب. وفي مقالته الثانية ضد الآريوسيين: 16 يقول: لأن الصلب هو المقصود بالقول " سترون حياتكم معلقة ". هنا يركز على كلمة " حياة " لبيان الفرق بين طبيعة السيد المسيح وباقى الأنبياء في العهد القديم. ويوضح هذه النقطة في فصل 20 من تَجَسُّد الكلمة. 
[13] إش8:53 (س). انظر فصل 34 حيث استخدم القديس أثناسيوس نفس الشاهد. 
[14] هنا يستخدم القديس أثناسيوس السؤال نفسه تقريبًا الذي سبق أن جاء في فصل35/ 7 . 
[15] والأنبياء لا ينطقون بالكذب. انظر فصل 36 
[16] انظر فصل 35/ 8 . 
[17] انظر فصل36/ 2 حيث تجد المعنى نفسه. 
[18] عن هجرة التقاليد الموروثة وعبادة الأصنام انظر فصل 30/ 5 . 
[19] يستند القديس أثناسيوس هنا على ما ذكره في فصل 35/ 6  حيث يستعين هناك بنبوءة إشعياء 10:11. 
[20] رغم أن الكل يرى هذا الأمر بوضوح إلاّ أن اليهود ينكرون السيد المسيح الذي تمم كل شئ. انظر فصل40/ 4 .
[21] في فصل 33/ 5  يورد القديس أثناسيوس نص نبوءة إشعياء1:19 عن قدوم المسيح إلى مصر، وفي فصل 4:36 يشرح ما قد حدث نتيجة مجىء المسيح إلى أرض مصر. انظر أيضًا فصل 36  
[22] عن شهادة الخليقة لصلبه انظر فصل 19، وعن أن مَن صلبوه كانوا شهودًا. انظر فصل 23. 
[23] يختم القديس أثناسيوس هذا الفصل بهذه الفقرة التي توضح موت السيد المسيح بصورة علنية بشهادة الخليقة كلها وكل مَن صلبوه، وأيضًا أن موته كان من أجل خلاص الجميع. وكان في بداية هذا الفصل قد أوضح أن موت أبرار العهد القديم لم يكن علنًا، وأيضًا لم يكن موتًا من أجل خلاص الكل. 
[24] بخصوص تعبير فدية “ .....  “ انظر فصل9/ 2 . 
[25] في المسيح تمت نبوءة سفر التثنية 66:28، إش6:53. 
[26] عن تشكيك اليهود الدائم انظر فصل 40. 
[27] راجع فصل35/ 7 . حيث يذكر القديس أثناسيوس أن هناك براهين وحججًا كثيرة من الكتب المقدسة يمكن أن تقنع اليهود. 
[28] إش 1:65ـ2 (سبعينية) . 
[29] في فصل 12/ 2  يقول القديس أثناسيوس إن الأنبياء الذين أرسلهم الله إلى البشر كانوا " رجالا معروفين لديهم "، وفي فصل 13/ 5  يعطى تشبيه أن هؤلاء الأنبياء كانوا مثل أصدقاء أرسلهم الملك للبشر. 
[30] الكلمة ظهر من الخفاء بمعنى أنه هو بلا جسد حسب الطبيعة والآن ظهر في الجسد. انظر فصل8/ 1 . 
[31] عن معنى بسط اليدين على الصليب انظر فصل 25. 
[32] انظر فصل 8/ 1  حيث يوضح معنى أن الكلمة ظهر من الخفاء بظهوره في الجسد من أجل خلاصنا. وعن معنى العبارة " الذي بلا جسد حسب الطبيعة ظهر في الجسد لأجلنا " انظر فصل 1/ 3 . 
[33] وردت نفس هذه العبارة في فصل33/ 2 .وعن إنكار اليهود للحقائق رغم وضوحها انظر فصل32. 
[34] إش 3:35ـ6، 4:42. اعتبر القديس أثناسيوس أن هذا الشاهد سيكون أوضح في المعنى جدًا عندما يُكتب النص أولاً ثم يتساءل عن مَن هو الشخص الذي تتحدث عنه النبوءة وعن زمن ومكان اتمامها. ويرى القديس أثناسيوس أنه يجب على المرء عندما يدرس الكتب المقدسة أن يبحث عن الوقت والشخص والموضوع فيقول: "من الملائم كما نعمل في كل الأسفار الإلهية هكذا من الضرورى أن نعمل هنا أيضًا فيجب أن نفهم بأمانة الوقت الذي كتب عنه الرسول والشخص والموضوع اللذين كُتب عنهما " المقالة الأولى ضد الآريوسيين. فقرة 45. انظر أيضًا المقالة الثانية ضد الآريوسيين. فقرة 7، وأيضًا الدفاع عن قانون الإيمان مجمع نيقية14. وفي الفقرة التالية يطبق هذه القاعدة على النص. 
[35] 2مل:5. 
[36] 1مل21:17ـ23 ، 2مل33:4ـ35. لم تُذكر معجزات إقامة الموتى في نبوءة إشعياء. غير أن القديس أثناسيوس اعتمد على نص إنجيل متى5:11 الذي يذكر قول السيد المسيح " والبُرص يطهّرون والموتى يقومون " وهذا القول فيه تتميم للنبوءة حيث كان في سياق الإجابة عن سؤال اليهود أنت هو الآتى أم ننتظر آخر؟ وما يقصده أثناسيوس بذكر معجزات إقامة الموتى بواسطة إيليا واليشع هو أن السيد المسيح أيضًا صنع هذه المعجزات. ولقد صمت النبى عن ذكرها لأنه ركز على المعجزات التي انفرد السيد المسيح وحده بفعلها. 
[37] إجراء السيد المسيح لمعجزة فتح عيني الأعمى منذ ولادته دليل على أن طبيعة البشر كانت خاضعة له. انظر فصل8/ 4  ويستخدم القديس أثناسيوس هذه المعجزة ليس في رده على اليهود فقط بل في محاجة الوثنيين أيضًا. انظر فصل49/ 1  من مقالته ضد الوثنيين. 
[38] هناك فرق في عمل المعجزات بين الأنبياء والمخلّص، فإيليا واليشع صرخا إلى الرب لإتمام المعجزة، أما المسيح إذ هو الإله المتجسَّد فقد أتمها بنفسه، ويقول القديس أثناسيوس " حيث إن الأعمال التي عملها القديسون، كما اعترفوا هم أنفسهم، لم تكن أعمالهم الخاصة بل أعمال الله الذي أعطاهم القوة، فإيليا واليشع مثلاً يطلبان إلى الله أن يقيم الأموات " المقالة الثالثة ضد الآريوسيين. فقرة 2. 
[39] فالنبوءة إذن لا تشير إلى أحداث تمت في العهد القديم بل إلى أحداث من حياة السيد المسيح نفسه إذ أن هذه " الأمور لم تحدث من قبل ". 
[40] يو 32:9ـ33. 
[41] دانيال 24:9ـ25. 
[42] في صراعه ضد الآريوسيين شدّد القديس أثناسيوس على الفرق بين السيد المسيح كملك أزلى وبين باقى ملوك إسرائيل الذين يصيرون ملوكًا بعد أن يُمسحوا فقط، فيقول: "لأنه عندما كان الملوك أيام إسرائيل يُمسحون فعندئذٍ فقط كانوا يصيرون ملوكًا، حيث إنهم لم يكونوا ملوكًا قبل مسحهم، أما المخلّص فهو على العكس حيث إنه إذ هو الله يزاول دائمًا حكم مملكة الآب وهو نفسه مانح الروح القدس "المقالة الأولى ضد الآريوسيين. فقرة 46". وفي دفاعه عن قانون إيمان مجمع نيقية فصل49 يورد نص دانيال 14:7 " سلطانه سلطان أبدى لن يزول وملكوته لا ينقرض "، للدلالة على مُلك المسيح الأزلى.