" فنزل الرب فى سحابة وتكلم معه وأخذ من الروح الذى عليه وجعل على السبعين رجلاً الشيوخ . " ( عدد 11 : 25 )
إن الرب يتكلم عادة فى سحاب ، أى يعلن ذاته خلال الأوقات أو الأشياء ، التى تعتبر حاجزاً أو مانعاً عن الرؤيا .
هكذا تصبح أوقات حزنى هى هى أوقات شركتى ، ويصبح صمت الأرض ، بل وهجوها لى ، حديثاً مشتركاً مع أغانى السماء .
هذه هى الميزه الكبرى لسحابتى ، إنها تبدد وحدتى ، حينما أرى من خلالها الله .
لقد كانت تبدو من قبل ضد سلامى وعزائى ، حينما كنت أجهل صوت الله فيها ، فكانت تخيفنى وتدفعنى بعيداً عن حقيقة نفسى .
هذا هو طقس الرسالة التى تأتى خلال السحاب ، أو خلال الصعاب ، تأتى كرسالة من أجل البشرية .
وحينما أذعن لها ، تلبسنى روح السلام ، ولا أمانع أو أرتاع حينما تأخذ الروح الذى وضعته على ، وتضعه على الآخرين !!
وحينما أرحب بمواهب الآخرين ، أشعر أن حملى مشترك مع كل الذين يعملون !
وعندما أنقص ليزيد الآخرون ، لا أكون أبداً صغيراً ، وكلما كنت تحت السحابة صرت أقرب لجميع الناس ، لأننا لا نتقابل جميعاً تحت أشعة الشمس ، ولكننا نتقابل كلنا تحت سحاب الصعاب .
فالمشقات التى نعانيها معاً تلهب طاقات الحب .
إنها تحمل حياتى إلى حياتك ، وأفكارى إلى افكارك ، وقلبى إلى قلبك .
فالحب يجد دائماً مدخلاً خلال الحواجز التى أقامتها الصعوبات بين الإنسان وأخيه الإنسان فتوحد روح داود بروح ناثان .
صلاة ...
يا أبن الإنسان ، دع صليبك يكون واسطتى لعبورى نحو أخى الإنسان .
دعنى أتقابل تحت ظل سحابة حضورك ، وجهاً لوجه مع نفس حبيبى ، الذى يناصبنى العداء .
أريد أن نرتبط كلانا بوحدانية الروح ، شهادة لعملك ،
أريد أن نتحد فى سر عشائك الربانى ، فى سر آلامك المخيفة .
لقد فشلنا أن نتحد تحت وحدانية الإخاء واليسر ، والمنفعة الكاذبة ، فأربطنا بصليبك ، يا أبن الإنسان .
وحدنا بذبيحتك وتجردك وفقرك وألمك ، وصلنا بواسطة سحابتك .
أحضر قلوبنا إلى حضرتك ، فوق العواطف والأحاسيس الجسدية ، بلمسة نعمتك ، المشتعلة بلمسة صليبك ، بالآلام التى أسلمت ذاتك لها على الصليب .
دعنا فى أتون النار ، ولكن ليس كل واحد بمفرده ، إنما فى زمالة الألم ثلاثة ثلاثة ، حتى نرى الرابع يشبهك.
إنه أستعلان لمجد الألم والعذاب ، فى هذا الدهر ،
حينما يصيرا واسطة لتجمعنا فى سحابة حضورك ،
حينما يأخذ الروح من القوى ويعطى الضعيف ، بسخاء المحبة لمجد الكنيسة .
الاب / متى المسكين +
راهب من الكنيسة القبطية
والاب الروحى لدير القديس انبا مقار ببرية شهيت
عن كتاب : الرؤية الالهية للاعياد الكنسية