مخاوف الروح وأخطاره

يظن الجهلاء أن للروح القدس مخاوف وأخطاراً
 ، ولكن ليس الروح هو الذى يلقينا على الجبال ؛ بل كبرياؤنا ، ولا هو الذى يسقطنا فى حضيض الأودية ؛ بل يأسنا وصغر نفوسنا . 
فعلى الإنسان الذى يُصادق الروح القدس ، أن يحذر من هذين الخطرين :
 خطر الزهو والأعتداد بالذات ، وخطر اليأس وصغر النفس .
 لأنه بينما يكون الروح صاعداً بنا إلى علو التأمل والصلاة ، وبينما تنتابنا أفكار الزهو والخيلاء ، فنسقط على شوامخ جبال الرؤى والتجليات والأحلام ، حيث يفصلنا عن الواقع مخاطر النزول ؛
 فلا يمكن أن نعود إلى أتضاعنا السهل ، إلا بالمحن والأنحدار تلو الأنحدار !! 
كذلك بينما يكون الروح حاملاً النفس فى مركبته النارية الملتهبة ، وقد أحتواها بحرارة العبادة ، والغيرة المتقدة ، ثم يحدث أن تميل إلى اليأس والشك من صعودها وتتمسك برُبُط خطاياها ، وتفقد رجاءها ؛
 حينئذ يتخلى عنها الروح ، فتقع فى حضيض الدنيا ، وتلتصق بتراب الأرض ، حيث يفصلها عن حقيقة الروح والحياة الأبدية هوة سحيقة ، وبحر اليأس ، الذى لا يمكن عبوره إلا على دم المسيح !! 
صلاة ...
فيا روح الله ، الذى أصعد إيليا إلى السماء على مركبته النارية ، أعطنى إتضاع المسيح ،
 الذى أصعده من تراب القبر إلى عرش الله . 
حقق فىَّ رجاء المسيح ووعده ، 
خُذ منه وأعطنى ، خذ مما له وحصنى ، لأن الصعود بالروح شاق شاق جداً ، لإنسان يحمل ثقل خطاياه . 
إن كان العشار المبرر لم يستطيع أن يرفع عينيه إلى السماء ، فكيف ترتفع روحى لتبلغ الله ؟ وإن كان التلميذ الغيور صرخ أنه غير مستحق لأن يقترب الرب إلى سفينته ، فكيف أبلغ أنا حضرة القدير ؟ 
وإن كان الصعود شاقاً بهذا المقدار ، فأحتمال السقوط من بعد الصعود أشق وأخطر . 
فيا روح الله ، أمنى ضد الزهو والكبرياء . 
الناس فى العالم يؤمّنون حياتهم ضد الفقر والعوز والذلة ، ولكن أمنى أنت ضد الغنى والعظمة والكرامة . 
أمنى ضد نفسى حتى لا تطلب العزة التى لله وحده . 
أمنى ضد الأرتفاع الخاطئ ، لئلا أسقط ، ويكون سقوطى عظيماً . 
أحملنى فى مركبتك الخفيفة ، التى تلغى ثقلى ، وأحتوينى بحراراتك التى تعزلنى عن العالم ، فأرتفع حيث تشاء! 


الاب / متى المسكين + 
راهب من الكنيسة القبطية 
والاب الروحى لدير القديس انبا مقار ببرية شهيت 
عن كتاب : الرؤية الالهية للاعياد الكنسية