يا لصبر الله ! ويا لإحتمال الله ! لخطايانا الكثيرة وأعوجاج سيرتنا
يتأنى علينا برأفات كثيرة سنين كثيرة ،
يُرسل لنا كل صباح من ينبهنا أو يتنبأ لنا ، ولا يدعنا ننام إلا وينخس ضمائرنا ، بكتاب أو بكلمة عابرة .
كل ذلك برفق دون أن يجرح أو يفضح ، ودون أن يُهدد ويتوعد ، بل كمجرد شاهد نصوح ، لعلنا نجعل لأستهتارنا حدَّا ، ونقوم فنلوم أنفسنا ونوقظ إرادتنا .
ولكننا لا نعبأ بلطف الله ولا نُقيم وزناً لنُصح الروح لنا ، بل نسوف ونسوف ، ونتمادى حتى يتبدد خوف الله من قبلنا ،
ولكننا لا نعبأ بلطف الله ولا نُقيم وزناً لنُصح الروح لنا ، بل نسوف ونسوف ، ونتمادى حتى يتبدد خوف الله من قبلنا ،
فينقطع رجاء الله فينا ، وحينئذ لا يعود روح الله يعمل بعد كمنبه أو مُذكر ؛ بل ويكف عن الملامة والتأنيب ، ويقف منحصراً فينا شاهداً علينا ، بلا إنقطاع ، حتى ليكاد أنينه يصم آذان قلبنا ،
ولكن الخطيئة تبلد الإحساس وتخدر الضمير ؛ فيمر الصباح وليس مُعكر ، ويمر المساء ولا شئ يؤذى ، وتمر الأسابيع تفرُّ كعربات القطار ، وتعبر السنة برمتها ، والضمير يستمرئ حياة الإنحلال والتعدى ، ولا يكاد يشعر بالخطية ، والخطية بدون الروح القدس يصبح تعاطيها سهلاً كالماء .
ولكن ، واحسرتاه ! كل ذلك والروح القدس منقلب على النفس داخلها ، يُسجل عليها درجة إعوجاجها أولاً بأول ، ويزن ثقل إنجذابها لشهوات التراب ، ويقيس مسافة تباعدها عن الله مصدر خلاصها وحياتها . فإذا بلغت إلى الدرجة الحرجة ، وأنحطت إلى المستوى الذى لا قيام منه ، وجمحت إلى الحد الذى لا عودة بعده ، يبدأ قضاء الله .
صلاة...
ولكن ، يا روح الله ، أنا لا أزال أطلب وجهك ،
لا أزال أترجى رحمتك ،
فلا تطوى صفحة الحب هكذا سريعاً ،
لأنه لا يزال عندى كلام لك ،
وعندى توبة وندامة ،
وعندى دموع ،
وعندى صلاة وصلاة ، وأصوام .
تأنى قليلاً ، ولا تختم على أيام الرفق واللطف والوداد .
أنا لستُ كفواً لغضبك ، ولا حمل أشهادك وموازينك وقلمك .
أصرخ إليك لا تتعجل ،
كن لى ضميناً عند نفسك .
وإن أنحنت بالإثم وعلى الإثم نفسى ،
فأستقامتها بين أصابعك .
وإن أنحدرتُ حتى الهاوية ،
فيدك ترفعنى إلى العلو ، إلى السماء ، لأنى لا أطيق سقوطى .
وإن تباعدتُ عنك بإرادتى ،
فأين أهرب من روحك ؟
أجذبنى ، فأعود سريعاً ،
لأن بعدى لا يشفيه إلا قربك !!
الاب / متى المسكين +
راهب من الكنيسة القبطية
والاب الروحى لدير القديس انبا مقار ببرية شهيت
عن كتاب : الرؤية الالهية للاعياد الكنسية