يا لها من خطيئة لعينة مُفزعة ، أرعبت قلب نبى مختار ...
فإن كانت المزامير كلها لحن توبة وأستغفار ، فالمزمور الواحد والخمسون يبرز من دونها جميعاً ، كقرار .
فخطيئة داود فيه أرهقت حسه ، وأذرفت دمعه ، وعمقت إنسحاق روحه حتى التراب .
فخطيئة داود فيه أرهقت حسه ، وأذرفت دمعه ، وعمقت إنسحاق روحه حتى التراب .
صادقة هى كلمة الروح ، على فم بولس الرسول ، ومستحقة كل قبول : إن " كل خطية يفعلها الإنسان هى خارجة عن الجسد ، لكن الذى يزنى يُخطئ إلى جسده . أم لستم تعلمون أن جسدكم هو هيكل الروح القدس الذى فيكم . " ( 1 كو 6 : 18و19 )
من جهة هذا يصرخ داود ، متوجعاً ، عندما أحس أن الروح القدس لم يَعُد يطيق السكنى فيه ، وهو يطلب الفراق ، ويلح فى الخروج من هيكله ، بلا عودة . يا له من إحساس مُرعب ، عندما يقف الإنسان ، فى لحظة ، وحدياً مطروحاً من أمام وجه الله ، بسبب نجاسة الجسد ، والروح مزمع أن يُفارق هيكله إلى الأبد .
يا له من ثمن باهظ . أبهذا تُثمَّن خطية الجسد ؟
أبهذه النهاية المحزنة تنتهى العشرة مع الله ، إزاء لذة ساعة ، يصحو الإنسان بعدها ، فإذا هو فاقد الوجود فى حضرة الله ، مطروحاً فارغاً طريداً ، يبعث فى هيكله روح الإثم ، وتتراقص فيه أشباح النجاسة !
حقاً ما أسهل الخطيئة ! وحقاً ما أشنع عقابها ! إنها كأس سم زعاف ، مُذاب فى لذة كالسكر ،
لا يتبين الإنسان منها طعم السم وأثره المذمر ، إلا بعد أن يسرى الموت فى الأعضاء .
صلاة ...
فيا روح الله القدوس ، يا روح الطهارة والعفة والحياء ،
أتوسل إليك أن تفتح عينى ، لأتبين مواقع موتى وهلاكى ، وأُقدّر خطورة زللى ، وأكشف الفخاخ المنصوبة حولى .
جنبنى أماكن الخطية ، حتى ولو كان فيها ربح حلال ، فالمال سيفنى ، ولا يبقى بعده إلا الندم .
جنبنى مواقف العثرة ، حتى ولو كان فيها سرور لنفسى ، فالسرور ستنطفئ بهجته ، ولا يبقى بعده إلا نزيف الضمير .
سلحنى بمنطق الروح ، وإحساس الخلود إزاء سحر الأجساد والعيون ، لأدرك بالحق واليقين ، أن التراب حتماً سيعود إلى التراب ، والجمال واللذة سراب فى سراب .
يا روح الله القدوس ، أسكن فى قبلى ، وأختم حواسى ، بعهد أبدى ، حتى أظل أميناً وفياً على قداسة الدم ، الذى سرى فى جسدى .
الاب / متى المسكين +
راهب من الكنيسة القبطية
والاب الروحى لدير القديس انبا مقار ببرية شهيت
عن كتاب : الرؤية الالهية للاعياد الكنسية