روح الله وبهجة الخلاص

" رُد لى بهجة خلاصك ، وبروح منتدبة ( رئاسى ) أعضدنى. " ( مز 51 : 12 ) 
نحن لا زلنا بصدد مزمور التوبة ، أو بالحرى مزمور الخطية : " أرحمنى يا الله مثل عظيم رحمتك " !! 
قد يصفح الله عن الخطية ، كوعده للتائبين ، وتجف الدموع ،
وقليلاً قليلاً تزول القطيعة والغربة ، التى تكون قد أنحدرت إليها النفس بعيداً عن الله ، بسبب حماقتها . 
بل وقد يحل السلام ، وتدخل النفس منطقة الأمان ،
ولكن أين الفرح ؟ أين البهجة الأولى ؟ أين التهليل والترنم ؟ أين الإبتسامة العريضة والوجه المضئ ، أين تعضيد الروح والرأس المرفوعة ؟ 
كلها ضاعت . وقد ذوت النفس ، وأنحنت على نفسها ، وغاب عنها خلاصها ، وأختفت بهجتها . فهذا هو سر الخلاص الذى تفقده النفس يوم تخلع عنها ثوب طهارتها . 
قد يعود الله ، ويستر عورتها برحمته ، حينما ترتد إليه باكيه ، وقد يُلبسها أقمصة جلد ليرفع حزنها وعارها . 
ولكن ، أن تكون عروساً ، وأن تتزين بلباس العُرس ، وأن تفرح بوجه العريس ، فهذا حصيلة أمانة ينبغى أن تُمتحن كل يوم بالنار من جديد !! 
ليس كل من يسقط ويقوم ، يعود إلى بهجته الأولى ،
 إذ بعد التوبة يتبقى أمام الناس إختبار الركض فى ميدان الطهارة ، كل يوم مجدداً ، حتى يُختبر مدى إجتهادها ، بل مدى غيرتها ، بل مدى صلابتها وعزمها ؛ حتى تفوز برضا الحبيب وتعود إلى بهجتها الأولى . 
من جهة هذا ، يصرخ داود : " رُد لى بهجة خلاصك " ! وإذ يرى عجزه وتحطمه وإنكساره ، ويرى الميدان طويلاً طويلاً أمامه ، والعافيه فيه مضمحلة ، يصرخ : " وبروح رئاسى عضدنى " !! 
يوجد " روح الحكمة والفهم ، روح المشورة والقوة ، روح المعرفة ومخافة الله " ( أش 11 : 2 ) ،
 ولكن داود يطلب " روح رئاسى " ، لأن نفسه أنحنت فيه حتى ألتصقت بالتراب ، وروحه ذابت فى أحشائه ، فلم يَعُد يستطيع أن يرفع وجهه أمام مرءوسيه !! 
صلاة ...
فيا روح الله ، أعن توبتى حتى تفوز بتزكياتك ، 
وأنظر إلى حزنى وذلى ، وأمتحن قلبى لعله يصبح يوماً حسب قلبك ؛ 
فأفوز برضاك ، وترد لى بهجة خلاصك


الاب / متى المسكين + 
راهب من الكنيسة القبطية 
والاب الروحى لدير القديس انبا مقار ببرية شهيت 
عن كتاب : الرؤية الالهية للاعياد الكنسية