الروح يكرز بالجمال

" بروحه زين السموات . " ( أي 26 : 1 – سبعينيه ) 
لا يوجد شئ يضئ من ذاته . إن بهاء كل شئ هو من روح الله ! 
وروح الله هو روح الحب والفداء ، والفداء هو مركز بهاء الكون ! 
وإن كان نجم يمتاز عن نجم فى المجد ، لكن لا يستطيع الواحد أن يقول للآخر : " لا حاجة لى إليك " ( 1 كو 12 : 21 ) ،
فجمال الكون يعتمد على جمال كل فرد فيه ! وكل فرد يستمد جمال من روح الله ! آه لو علم ذلك الإنسان ! 

وحتى هذا القانون الذى نسميه الجاذبية الأرضية ، ليس سوى علامة أبن الإنسان فى السماء ! حيث مركز الحب الإلهى أصل الجاذبية وجوهرها !
 وهكذا كل جُرم فى الكون يستحيل أن يكون مركزاً لنفسه ، وكل العوالم يحتاج كل واحد منها أن يكون جزءاً فى مركز الآخر . 
وكما أن الآب ، أعين الكل تترجاه ، وهو يعطيهم طعامهم فى حينه ؛ هكذا يعتنى الروح أن يوزع القوة فى السماء ولا يستآثر أحد بسلطانه لنفسه ! فالسلطان الذى زين السموات هو من روح ذاك الذى جعل الكل أعضاءً فى جسده . 

صلاة...
فيا إبن الله يا من يُحصى عدد النجوم ، وقد أعطاها أسماء بحسب زينتها ، عرفنى بإسمى وإسم أخى الذى نقشته على كفك . 
وأمنحنى أن أرى فى وجوه نجوم السماء صورة للوحدة العظمى التى تنتظرنا معك فى الأعالى ، حينما نصبح كلنا أعضاء فيك . 
يا من السموات تتحدث بمجدك ، أفتح شفتىَّ ، لأنطق معها بتسبحتك ، فليس مجدك مجد أضواء آتية من نجوم بعيده ، أو مزاج ألوان وأطياف وشموس ، أو فكرة عن نِسَب وأبعاد شاسعة ، فكل هذا مجد محصور . 
أما مجدك فهو مجد الروح ، مجد الفداء والذبيحة ، التى الخليقة كلها تئن وتتمخض معاً ، تنتظر أستعلانها ، عندما يُشرق مجد الآب فى وجه يسوع المسيح ، ببهاء الروح ، يوم مجيئه العظيم الذى صار على الأبواب . 
يا إبن الله ، ألهمنى أن أستشف من وراء زينة السموات عظم أهتمامك بى ، ورجاء وعد مجيئك . 
علمنى أن عجائب السماء لا تُستَجَلى إلا من خلال عجيبة صليبك . 
والجمال ، كل الجمال ، الذى فى الطبيعة ، لا منظر له إلا فى سر الجلجثه . 
وكما حزنت الشمس وأظلمت السموات ، يوم عار صلبوتك ، لابد وأن تفرح الدنيا كلها وتتهلل فى مجد مجيئك . 
نعم ، لأنه كما فى السماء كذلك يكون على الأرض ، مجد واحد ، وبهاء واحد ، نستمده من قلبك المطعون من أجل الجميع . وإن عرفتنى ذلك ، فسأعرف أن روحك هو الذى زين السموات من أجلى . 


الاب / متى المسكين + 
راهب من الكنيسة القبطية 
والاب الروحى لدير القديس انبا مقار ببرية شهيت 
عن كتاب : الرؤية الالهية للاعياد الكنسية