فيض الروح

" هأنذا أفيض لكم روحى . أعلمكم كلماتى . " ( أم 1 : 23 ) 
الصوت هنا صوت الحكمة ، وحينما تتكلم الحكمة فالله هو المتكلم . فالله هو " الحكيم وحده بيسوع المسيح . " ( رو 16 : 27 ) 
المسيح هو حكمة الله ، وكلمة الله ، فالمسيح هو أستعلان حكمة الله وعلمه وكلمته : " الله ... كلمنا ... فى إبنه " ( عب 1 : 1و2 ) .
 ولكننا لم نفهم " كلمة الله " ، ولا يمكن أن نعرفه إلا بعد أن يفيض علينا بروحه . وإذ يفيض الله روحه ، يعلمنا الروح كل شئ " وأما المعزى ، الروح القدس ، الذى سيرسله الآب بإسمى ، فهو يعلمكم كل شئ " ( يو 14 : 25 ) .

الله أفاض علينا روحه مرات كثيرة وعديدة ، فى الخلقة ، وعلى جبل سيناء ، وبالأنبياء ، وعلى العذراء ، وفى الميلاد والعماد والقيامة ؛ ولكن ليس مثل يوم الخمسين !! 
كان يوم الخمسين هو يوم الروح القدس الفريد ، الذى فيه أنفتحت السماء ، وفاض روح الله بغزارة على روح الإنسان الميته ،
. كما يفيض المطر على أرض جدباء مُعطشة ، فأرتوت طبيعة الإنسان من روح الله ، وأثمرت معرفة وحكمة وقداسةً وبراً إلى مدى الأيام .
 ومنذ ذلك اليوم ، والسماء مفتوحة ، ووعد الله قائم إزاء كل بشر . فالبشرية تتجدد بفعل الروح ، وتغتسل بسر الكلمة ، كما يتجدد وجة الأرض بأشعة الشمس ورخ المطر !! 
وليس جزافاً أن يُقال عن الروح القدس ، كما يُقال عن الماء أنه يفيض . فالروح يفيض من لدن الله ، كالماء من الينبوع .
 والفيض فى الماء وفى الروح سواء ، لا يكون إلا من ملء . لذلك يقول الكتاب إن فى المسيح حل كل ملء اللاهوت جسدياً ، ومن ملئه نحن جميعاً أخذنا نعمة فوق نعمة . 
أما كل من يعطش ، فعليه أن يأتى إلى ملء المسيح ويشرب ، ومن يشرب من سر المسيح ، يرتوى ، وتفيض من بطنه أنهار ماء حى . لأنه يستحيل – حسب الوعد – أن يشرب أحد من روح الله ، إلا ويمتلئ معرفة ، ويفيض بشارة مُفرحة . 
صلاة...
فيا روح الله ، فى ذكرى أنسكابك يوم الخمسين ، لتكميل وعد الآب 
إنى آتيك عطشاناً ، عطشاناً إليك وإلى معرفتك . 
فأسقنى كلمة ، كلمة الحياة المذخر فيها كل كنوز الحكمة ، أشربها فأشرب سر المعرفة والحق ، 
فأدخل لُجة الحب الإلهى ، حيث الأرتواء والأمتلاء وسر الفيض . 
يا روح الله ، يا وعد الآب الصادق ، 
قلبى اليوم إليك يُصلى ، الكنيسة كلها تصلى ، 
أعلن ذاتك من السماء ، 
وبث فينا روح قوة " لنتقوى من ضعف " ، 
وأمنحنا الشجاعة مع 
" الذين بالإيمان قهروا ممالك ، صنعوا براً ، نالوا مواعيد ، سدوا أفواه أسود ، أطفأوا قوة النار ، نجوا من حد السيف ، تقووا من ضعف ، صاروا أشداء فى الحرب ، هزموا جيوش غرباء " ( عب 11 : 33و34 ) 


الاب / متى المسكين + 
راهب من الكنيسة القبطية 
والاب الروحى لدير القديس انبا مقار ببرية شهيت 
عن كتاب : الرؤية الالهية للاعياد الكنسية