المجمع المقدس

- كلمة المطران جورج خضر عن المجمع المقدس للكنيسة الانطاكية - 
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هو لقاء كل مطارنة الكنيسة الأنطاكية مع البطريرك.
مجموعتهم هي المجمع المقدس.
هو الهيئة التي تشرّع للكنيسة الأنطاكية. هذه خاضعة لنوعين من المجامع: 1- المجامع التي تعترف بها كل الكنائس الأرثوذكسية في العالم
2- والمجامع المحلية او الاقليمية التي تخضع لها فقط الكنيسة الأنطاكية.
المجامع العالمية يلتقي فيها مندوبون من البطريركيات وهي حسب الترتيب القسطنطينية، الإسكندرية، أنطاكية، أورشليم.
هذه هي البطريركيات الكبرى ومندوبون من الكنائس غير البطريركية مثل أثينا التي يرئسها رؤساء أساقفة. وليس من فارق بين الكنائس الملقبة بطريركية كالتي ذكرنا والكنائس التي يرئسها رئيس أساقفة ككنيسة اليونان وكنيسة قبرص وسواهما.
الكنيسة الأرثوذكسية في العالم مؤلفة من كنائس مستقلة لكل واحدة منها حق التعليم والتشريع وسن قوانين محلية. ولكل واحدة نظامها ومجمع مقدس مؤلف من مطارنتها. وهذا المجمع يرئس الأبرشيات المنضمة اليها.
فالمجمع الانطاكي المقدس يرئس الكنائس المسماة أبرشيات ومجموعتها تؤلف الكنيسة الانطاكية. هذه المجموعة يديرها مجمع مقدس هو في منطقتنا المجمع الانطاكي. القرارات التي يتخذها تلتزمها كل الأبرشيات التي يوقع رئيسها قرارات المجمع.
الفكرة ان الارثوذكسيين في هذه المنطقة يوحدهم رأيهم الذي يُعبّر عنه المطارنة في المجمع المقدس. هذه فكرة المجمعية او الجماعية. فاذا كان الأسقف رئيس الجماعة المحلية (الأبرشية) يشترك في المجمع المقدس وينقل اليه فكر الكنيسة التي يرئسها.
وشهادة الكنائس مجتمعة هي في المبدأ فكرة الكنيسة الواحدة.
هذا يفترض ان لنا فكرًا واحدًا هو فكر المسيح. المطارنة ليس لهم رأي خاص بكل واحد منهم. هم يقيدوننا اذا كان لهم فكر المسيح. هذا ليس امرا قانونيا، تنظيميا. نحن نخضع للمطارنة اذا قالوا فكر المسيح. اذا جاؤوا بغير فكر المسيح فليس لنا علاقة بهم.
هذا الفكر في المبدأ يظهر في اجتماع المطارنة في المجمع. المجمع المقدس ليس هيكلية قانونية. هو المكان الذي يظهر فيه فكر المسيح. نطلب هذا الفكر فقط. نحن نرجو ان يلهم الروح القدس الأساقفة اذا اجتمعوا. نحن لا نطيع بشرًا. نحن نطيع فكر المسيح ونرجو ان يُعبّر المطارنة عن فكر المسيح. عندئذ يكونون فمه. بهذا المعنى هو وحده المطاع.
فإذا اجتمع المطارنة بعد استلهامهم الروح القدس استمدوا قداسة الحق . فإذا ألهمهم نطيعه في طاعتنا لمن حملوه. واذا خالف المطارنة الروح الإلهي فلا طاعة لهم. وكل من نزل عليه الروح يعرف بأي فم يتكلم.
المجمع ليس مقدسا بصورة آلية. اذا قال الحقيقة فهو مقدس. الشكل القانوني وحده لا يقيّد عندنا. المهم المضمون اي خضوع هذه القيادة لله. ليس أحد ينوب عن الله. ليس لأحد بحد ذاته مقام. المقام تأخذه انت من الحقيقة، من استمدادك التراث.
المجمع ليس مقدسا لمجرد التقاء الأبرشيات فيه ممثلة برؤسائها. هو يبقى او يصير مجمعا بسبب الحقيقة والحكمة اللتين يحمل.
القوانين لا تكون أرثوذكسية بسبب قانونية الاجتماع ولكن بسبب الحقيقة في ما تقول وتشهد له. الحقيقة المضمونة في قرار كنسي وليس مجرد صدوره عن مجمع مطارنة يثبت صحة هذا القرار. القانونية لا تنشئ الحقيقة. الحقيقة تنشئ القانونية.
تمتاز الكنيسة الأرثوذكسية في ما تقول عن نفسها ان لا شيء فيها قائم على مجرد قانونية القوانين ولكن لكونها تحمل الحقيقة الروحية. القانون عندنا لا يحمل قدسية لمجرد صدوره عن مقام شرعي. قدسيته في ذاته اي في ما يحمل من الله. الأساقفة ليسوا مرجعا بمجرد اجتماعهم ولكن في ما قالوا. 
ولكون المجامع تثبت تلك التي سبقتها نعتقد ان المجامع قائمة فقط بما قالت لا بمن انعقدت بحضورهم.
ليس كل مجمع مقدسا بمجرد شرعية الذين عقدوه. انه مقدس في ما قال . ليس الأسقف عندنا مقدس المقام لكن المقام يتقدس في ما يقوله الأسقف.
ينشأ المقام من كلام الأساقفة. ليس الأسقف حجرا موضوعا في محل. الأسقف عندنا ينشأ من كلامه بمعنى انه اذا انحرف عن استقامة الرأي يصير لا شيء. صنمية الأسقف انحراف معروف كثيرًا.
ليس أحد قائما في ذاته. أنت تبقى وتصير فقط في استقامة الرأي.
المجمع مقدس بمعنى انه يسعى الى قداسة التعليم وعمقه وحكمة الرعاية والإدارة. ليست القداسة مصبوبة فيه. انه يسعى اليها. انه تيار حق او مصير الى الله. خارجا عن ألوهية مواقفه وكلامه هو بشر يفنى.
لكوننا ننتظر منه قداسة الحق نسميه مقدسا.




المطران جورج خضر 
29 / يونيو / 2013
عن جريدة النهار اللبنانية 
newspaper.annahar.com